للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للكتاب والسنة، والصوفية المتبعون لهم هم صوفية أهل السنة والحديث في اعتقادهم وفي عملهم، فهم [يؤمنون] (١) بما أخبر به الرسول، ويَمْتَثلون ما أمر به، يصدقونه في خبره، ويطيعونه في أمره، ومن كان كذلك فهو من أولياء الله المتقين [م ٣٠] الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.

وآخرون من المتصوِّفة دخلوا في نوع من بدع الجهمية الذين ينفون الصفات أو بعضها، ويشهدون الجَبْر والقَدَر مُعرضين عن الأمر والنهي، فهؤلاء إذا حققوا طريقهم انتهوا إلى البقاء في التوحيد والصفات، والفناء في الأمر والنهي.

ومن هنا دخل متصوفة المتفلسفة الذين جمعوا مع هذا وهذا القولَ بِقِدَم الأفلاك، وأن النبوة فيض، وأن العبادات وسائل إلى حصول الفيض الذي يصير به الإنسان مثل موسى بن عمران!

وخرج مِن هنا مَن جعل النبوة مُكتسبة، فطلب أن يصير نبيًّا كالسَّهْرَورْدي المقتول، وابن سبعين وغيرهما.

ومن الصوفية مَن يكون مُثبتًا للصفات رادًّا على الجهمية، لكن يلحظ الجَبْر وإثبات القَدَر شاهدًا لتوحيد الربوبية، معرضًا عن الأمر والنهي، ويجعل هذا غاية، كما وقع طرف من ذلك في «منازل السائرين» (٢) وأَخَذَه


(١) زيادة لازمة.
(٢) لأبي إسماعيل الهروي (ت ٤٨٠)، في مواضع عديدة، من ذلك قوله: «إن مشاهدة العبدِ الحُكْمَ لم تدع له استحسانَ حسنةٍ ولا استقباح سيئة؛ لصعوده من جميع المعاني إلى معنى الحُكْم». انظر شرحه «مدارج السالكين»: (١/ ٢٥٠) لابن القيم وقال عقبه: «هذا الكلام إن أُخِذَ على ظاهره فهو من أبطل الباطل». وقد رد المصنف على الهروي في غير موضع، انظر «المنهاج»: (٥/ ٣٥٩)، و «الفتاوى»: (١٣/ ٢٢٩)، وما سيأتي (ص ١٠٤).