للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غنيته (١) عن منفعة الأحباب (٢)) (٣).

فأما قوله: «فلم يحتَجْ لجبريل رسولك» فكلامٌ صحيح، فإن إبراهيم قال: «حسبيَ الله ونِعْم الوكيل» (٤) ولم يلتفت قلبه إلى غير الله، لا جبريل ولا غيره.

وأما قوله: «ولا لسؤاله منك» فهذا كلامٌ لم ينقله ثقة عن إبراهيم، وهو مخالفٌ لما حكاهُ الله عن إبراهيم من سؤاله ودعائه، بل قوله: «حسبي الله ونعم الوكيل» هو دعاءٌ في حقيقة الأمر، وقد تقدم التنبيه على نظير هذا لمَّا ذكر في «الحزب» (٥) سؤالَ الله أن يغنيه عن سؤاله، وذكرنا أنّ سؤالَ الله تارة واجبًا وتارة مستحبًّا (٦)، والواجبات لابد منها والمستحبات لا يُطْلَب من الله الغِنى عنها، فإنَّ ذلك طلبٌ من الله لنقص الدرجة وخفض المرتبة.

مثل أن يقول: اللهم لا تجعلني أفعل نافلةً ولا أتقرَّب إليك بتطوع، ونحو ذلك، والله يحب من عبده التقرُّبَ إليه بالنوافل بعد الفرائض كما في «صحيح البخاري» (٧) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول الله تعالى:


(١) مخطوط الحزب: «غيبته».
(٢) مخطوط الحزب: «الأحبَّاء».
(٣) «حزب البر»: (ق ٥ أ).
(٤) سبق تخريجه (ص ٣٨).
(٥) يعني: «حزب البحر». وانظر ما تقدم (ص ٩٧).
(٦) كذا في النسخة، والوجه الرفع «واجب ... مستحب».
(٧) رقم (٦٥٠٢).