للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينتبه من سكرته فيقول: أي ربِّ أغثني فإني هالك (١)، فيعلم يقينًا أن هذا البحر لا ينجيه منه إلا الله.

فحينئذ يقال له: إن هذا الموجود هو العقل الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أول ما خلق الله العقل»، وفي خبر آخر: «قال له: أقبل، فأقبل ... » الحديث (٢)، فأُعطي هذا العبد [م ٤٩] الذل والانقياد لنور هذا الموجود، إذ لا يقدر على حَدِّه (٣) وغايته فعَجَز عن معرفته.

فقيل له: هيهات لا تعرفه بغيره (٤)، فأمدَّه الله عز وجل بنور أسمائه، فقطع ذلك كلمح البصر أو كما شاء الله ــ نرفع درجاتٍ من نشاء ــ فأمدَّه الله بنور الروح الرباني، فعرف به هذا الموجود. فرُقِّي إلى ميدان الروح الرباني، فذهب جميع ما تحلَّى به هذا العبد، تخلَّى عنه بالضرورة وبقي كلا (٥) شيء موجود، ثم أحياه الله بنور صفاته فأدرجه بهذه الحياة في معرفة هذا الموجود الرباني (٦).


(١) د: «فإني جاهلك»! وش: «يا رب أثبتني وإلا أنا هالك».
(٢) سيأتي تخريجهما (ص ١٩٣) عند كلام المصنف عليهما أثناء رده على هذا الكلام.
(٣) د: «أخذه».
(٤) من قوله: «فعجز عن ... » إلى هنا ساقط من ش، وبعده: «فإذا أمد الله ... ».
(٥) د: «وتخلى عنه بالضرورة ويقول كل ... »، وش: «العبد وما تخلى عنه بالضرورة وبقي كلا موجود ... ». وكان في (م): «كل شيء» والإصلاح من موضع آتٍ في الكتاب، وش.
(٦) د: «صفاته فأدركه ... الوجود الرباني».