للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكاية كذب لم يذكرها التيمي أصلًا، وليس في أئمة المسلمين من يعتمد في شيء من المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على مثل هذه الحكاية، ولا يَنْقُل أحدٌ منهم عن الخضر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا، ولو أراد أن يحتج في دين المسلمين بحديث ينقله عن الخضر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَعَظُم النكير عليه وتوجّه طعن أئمة الدين إليه، فإن دين المسلمين وفقهم الله تعالى لطاعته أجمعين محفوظ بنقل الثقات المعروفين الذين رآهم الناس وسمعوا كلامهم، لا بنقل مَن لم يُعرف وجوده، ولا سُمِع خطابه. وإنما ينقل مثل هذا جُهّال الشيعة الذين ينقلون دينهم عن المنتظر الذي لا وجود [ت ١٥] له، وجُهّال العُبّاد الذين ينقلون دينهم عن رجال الغيب وعن الخضر ونحو ذلك. وقد بسطنا الكلامَ على مسألة الخضر في غير هذا الموضع (١).

والمقصود هنا أن المنقولات تحتاج إلى نقد ومعرفة، ففيها كذب كثير. كما يعتقد كثير منهم أن الحسن البصري رحمه الله تعالى صَحِب عليًّا - رضي الله عنه - وأنه سأله ما صلاح الدين؟ فقال: الورع، فقال: ما فسادُه؟ قال: الطمع.

وقد أجمع أهل المعرفة بالنقل أن الحسنَ لم يَصْحَب عليًّا - رضي الله عنه -، ولا روى عنه شيئًا متصلًا، إنما يروي عن أصحابه كالأحنف بن قيس، وقيس بن عبادة (٢) ونحوهما.

وأما أحزاب أخر قد رأيتها منسوبةً إلى طائفة من الشيوخ ففيها ألوان لا يتسع لهذا (٣) الجواب.


(١) ينظر «الفتاوى»: (١/ ٢٤٩ و ٤/ ٣٣٧ و ٢٧/ ٩٧ - ١٠١)، و «جامع المسائل»: (٥/ ١٣٣ - ١٣٧) و (٩/ ٥٦ - ٦١).
(٢) النسخة: «عيادة».
(٣) كذا ولعلها: «لها هذا».