للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان مَن دون الأنبياء ليس له أن يسأل منازَل الأنبياء، فكيف إذا سأل ما هو من خصائص الإلهية؟ !

ولا ريب أن رفعَ الأمور الساترة عن مطالعة الغيوب مطلقًا لا يحصل (١) لغير الله تعالى، فإنه عالِمُ الغيبِ والشهادة، وإنما أَطْلَعَ مَن شاء من خلقه على قليل مما يشاء (٢) من علمه، كما قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥]، وقال: {أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [الإسراء: ٨٥].

وفي «الصحيحين» (٣): «أن الخَضِرَ قال لموسى لما نَقَر العصفورُ نقرةً في البحر: ما نقصَ عِلْمي وعلمُك مِن علم الله إلا كما نقص هذا العصفورُ مِن هذا البحر».

فإذا كان موسى الذي قال الله فيه (٤): {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٤٥]، والخضر الذي قال فيه: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥] عِلْمُهما في القِلَّة بهذه النسبة، فكيف بمن هو دونهما (٥)؟ !


(١) (ت): «يُجْعَل».
(٢) (م): «على ما يشاء».
(٣) أخرجه البخاري (١٢٢)، ومسلم (٢٣٨٠) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٤) (ت): «عنه».
(٥) (ت): «من دونهما».