للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب البخل]

" ٣٩ " باب البخل وقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} الآية: [النساء: ٣٧] ، وقوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}

٨١ - عن جابر قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من سيدكم يا بني سلمة؟ - قلنا الجد بن قيس على أنا نُبَخِّلُهُ قال: " وأي داء أدوأ من البخل. بل سيدكم عمرو بن الجموح» رواه البخاري في الأدب المفرد.

ــ

(٨١) صحيح رواه البخاري في الأدب المفرد ١١٢ رقم ٢٩٧ وأبو نعيم في الحلية ٧ / ٣١٧.

وله شاهد من حديث كعب بن مالك رواه الطبراني الصغير ١ / ١١٥، ومن حديث أبي هريرة رواه الطبراني في الأوسط كما في جمع البحرين ٦ / ٣٨٩ والحاكم في المستدرك ٤ / ١٦٣.

وعلم أن البخل سببه حب المال ولحب المال سببان.

أحدهما: حب الشهوات التي لا يتوصل إليها إلا بالمال مع طول الأمل، فإن الإنسان لو علم أنه يموت بعد يوم ربما لا يبخل بماله إذ القدر الذي يحتاج إليه في يوم وفي شهر أو في سنة قريب، وإن كان قصير الأمل ولكن كان له أولاد أقام الولد مقام طول الأمل فإنه يقدر بقاءهم كبقاء نفسه فيمسك لأجلهم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم «الولد مبخلة مجبنة محزنة» فإذا انضاف إلى ذلك خوف الفقر وقلة الثقة بمجيء الرزق قوي البخل لا محالة.

السبب الثاني: أنه يحب عين المال، فمن الناس من معه ما يكفيه لبقية عمره، إذا اقتصر على ما جرت به عادته بنفقته وتفضل الآلاف وهو شيخ بلا ولد ومعه أموال كثيرة ولا تسمح نفسه بإخراج الزكاة وبمداومة نفسه عند المرض بل صار محبا للدنانير عاشقا لها يلتذ بوجودها في يده وبقدرته عليها فيكنزها تحت الأرض وهو يعلم أنه يموت فتضيع، أو يأخذها أعداؤه، ومع هذا فلا تسمح نفسه بأن يأكل أو يتصدق منها بحبة واحدة، وهذا مرض للقلب عظيم عسير العلاج ولا سيما في كبير السن وهو مرض مزمن لا يرجى علاجه.

<<  <   >  >>