للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب ما جاء في القول على الله بلا علم]

" ٤٦ " باب ما جاء في القول على الله بلا علم وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} - إلى قوله - {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} قال أبو موسى: من علمه الله علما فليعلمه الناس وإياه أن يقول ما لا علم له به فيكون من المتكلفين، ويمرق من الدين.

٩٢ - وفي الصحيح عن ابن عمرو رضي الله تعالى عنه مرفوعا: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من قلوب الرجال. ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» .

ــ

(٩٢) رواه البخاري العلم ١ / ١٩٤ رقم ١٠٠ والاعتصام ١٣ / ٢٨٢ رقم ٧٣٠٧. ومسلم رقم ٢٦٧٣. انتزاعا: أي محوا من الصدور.

قال الحافظ في الفتح ١٣ / ٢٨٧ بعد أن ذكر أحاديث في الفتن وقبض العلم.

ويمكن أن تنزل هذه الأحاديث على الترتيب في الواقع فيكون أولا رفع العلم بقبض العلماء المجتهدين الاجتهاد المطلق ثم المقيد ثانيا فإذا لم يبق مجتهد استووا في التقليد لكن ربما كان بعض المقلدين أقرب إلى بلوغ درجة الاجتهاد المقيد من بعض، ولا سيما إن فرعنا على جواز تجزئ الاجتهاد ولكن لغلبة الجهل يقدم أهل الجهل أمثالهم وإليه الإشارة بقوله: «اتخذ الناس رؤوسا جهالا» وهذا ينفي ترئيس بعض من لم يتصف بالجهل التام كما لا يمتنع ترئيس من ينسب إلى الجهل في الجملة في زمن أهل الجهاد. . . يزداد حينئذ عليه الجهل وترئيس أهله ثم يجوز أن يقبض أولئك حتى لا يبقى منهم أحد وذلك جدير بأن يكون عند خروج الدجال أو بعد موت عيسى عليه السلام وحينئذ يتصور خلو الزمان عمن ينسب إلى العلم أصلا ثم تهب الريح فتقبض كل مؤمن وهناك يتحقق خلو الأرض عن مسلم فضلا عن عالم فضلا عن مجتهد ويبقى شرار الناس فعليهم الساعة والعلم عند الله.

وفي الحديث من الفوائد الزجر عن ترئيس الجاهل لما يترتب عليه من المفسدة وقد يتمسك به من لا يجيز تولية الجاهل بالحكم ولو كان عاقلا عفيفا لكن إذا دار الأمر بين العالم الفاسق والجاهل العفيف فالجاهل العفيف أولى لأن ورعه يمنعه عن الحكم بغير علم فيحمله على البحث والسؤال أ. هـ.

<<  <   >  >>