للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأعينوهم» (١) . وقال أيضاً: «إخوانكم أحسنوا إليهم أو قال فأصلحوا إليهم، استعينوهم على ما غلبكم، وأعينوهم على ما غلبهم» (٢) . وهو صلى الله عليه وسلم بهذا يحث أمته على الرفق بمن هم تحت ولايتهم، ويؤكد ضرورة معاملتهم بالحسنى ومراعاة أحوالهم، وعدم تكليفهم من الأعمال أكثر من طاقتهم، وإن كُلِّفوا بذلك وجب عونهم ومساندتهم.

ثالثاً: التوجيه

التوجيه والإرشاد من أفضل الأعمال وأجلّها في دين الإسلام، وكتب الحديث حافلة بالنصوص التي تحث على التوجيه بعناصره الثلاثة: الاتصال والقيادة والتحفيز، نسوق منها قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» (٣) ، وثمة توجيه آخر من النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه ولعامة المسلمين، يتجلى في قوله: «من رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (٤) ، وهذه توجيهات نبوية صريحة في الحث على التوجيه والإرشاد وأن ذلك من فضائل الأعمال وأنه صالح لكل زمان ومكان.

ومن أجل أن يكون التوجيه فعالاً فإنه يتعين أن يكون على فترات دون إطالة؛ لأن الإطالة تبعث على الملل والسآمة، فقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا (٥) بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا» (٦) .

وقد كان لموضوع الحوافز حيِّزٌ في توجيهات النبيِّ صلى الله عليه وسلم حيث قال: «من استأجر أجيراً فليُعلِمْه أجره» (٧) . وقال: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفَّ عَرَقه» (٨) . وفي الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: «ثلاثة أنا


(١) البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (٤٩) ، باب (١٥) ، رقم الحديث (٢٥٤٥) ، ص ٤٨١. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح الإمام مسلم، كتاب (٢٧) ، باب (١٠) ، رقم الحديث (١٦٦١) ، ج٣ ص ١٢٨٢.
(٢) الموصلي، أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي، مسند أبي يعلى الموصلي، مرجع سابق، رقم الحديث (٩٢٠) ، ج٢ ص٢٢١. والبخاري، محمد بن إسماعيل ١٩٤-٢٥٦هـ،، الأدب المفرد، تحقيق سمير بن أمين الزهيري، مكتبة المعارف، الرياض، ١٤١٩هـ - ١٩٩٨م، ١ -٢، رقم الحديث (١٩٠) ، ج١ ص ١٠١. وقال: ضعيف.
(٣) القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (١) ، باب (٢٣) ، رقم الحديث (٥٥) ، ج١ ص ٧٤.
(٤) المرجع نفسه، كتاب (١) ، باب (٢٠) ، رقم الحديث (٤٩) ، ج١ ص ٦٩.
(٥) يتخولنا: يتعهدنا. انظر: (الفيروزآبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط٢، ١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م، باب اللام، فصل الخاء، ص ١٢٨٧) .
(٦) البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (٣) ، باب (١١) ، رقم الحديث (٦٨) ، ص ٣٩. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، مرجع سابق، كتاب (٥١) ، باب (١٩) ، رقم الحديث (٢٨٢١) ، ج٤ ص ٢١٧٢.
(٧) الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله ت٤٣٠هـ، مسند الإمام أبي حنيفة، تحقيق نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر، الرياض، ط١، ١٤١٥هـ، ص٨٩. والبيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي ٤٥٨ هـ، السنن الكبرى، دار المعرفة، بيروت، ط١، ١٣٥٦هـ، ج٦ ص ١٢٠.
(٨) الموصلي، أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي، مسند أبي يعلى الموصلي، مرجع سابق، رقم الحديث (٦٦٨٢) ، ج١٢ ص ٣٤-٣٥. والبيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، السنن الكبرى، مرجع سابق، ج٦ ص ١٢٠.

<<  <   >  >>