للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدوثة التاريخ، فالقطع بإقرار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطريقتهم في التفاهم كاف في إثبات حجية الظواهر.

وقد نزل القرآن بلغة العرب، وتبنى طريقتهم في عرض أفكاره، وكان لكلامه ظاهر يفهمونه ويسيرون على وفقه " (١) .

اللجوء للتأويل تأييداً للعقيدة:

ومع القول بحجية الظاهر، إلا أنهم ـ كما رأينا من قبل ـ جعلوا للإمام ما للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بيان المراد من قول الله تعالى، وتخصيص عامه، وتقييد مطلقه. وفى الجزء الأول وجدنا أنهم لما لم يجدوا من ظاهر القرآن الكريم ما يؤيد عقيدتهم لجئوا إلى التأويل، وناقشناهم فيما ذهبوا إليه فلم نجد لهم دليلا يمكن الاحتجاج به. وإذا كانت العقيدة من أساسها ليس لها ما يؤيدها من كتاب الله تعالى فكيف بما يتبعها من عقائد وتفريعات؟

الباطن:

والشيعة الاثنا عشرية لم يقفوا عند حد التأويل الذي أشرنا إليه، فهم ينسبون للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللأئمة أنهم قالوا: إن للقرآن ظهراً وبطناً، ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن، أو إلى سبعين بطناً! (٢) وهم لا ينفردون بالقول بأن للقرآن الكريم ظاهرا وباطنا، فقد قيل به قديماً وحديثاً. قال أستاذنا الجليل المرحوم على حسب الله تحت عنوان ظاهر القرآن وباطنه: " إذا سمع المرء كلاماً عربياً تبادر إلى ذهنه ما يدل عليه الكلام بحسب وضعه العربى، فإذا تدبره فقد يفهم منه مقاصد مطوية وأغراضاً خفية، فالمتبادر الأول هو ظاهر الكلام، ويكاد يدركه كل عارف باللغة. والمفهوم الثاني هو باطنه وهو لا يدرك إلا بشىء من التدبر. وللقرآن ظاهر


(١) المرجع السابق ص ١٠٢: ١٠٣ وانظر كذلك للجعفرية في حجية الظواهر: فوائد الأصول ٣ / ٤٧: ٤٨، وأصول الفقه للمظفر ١ / ٢٤، ٣٠: ٣٢، جـ ٣ / ١٢٩: ١٣٠، ١٣٤، ١٤١، والمعالم الجديدة للأصول ص ١٣٩: ١٤٥.
(٢) انظر الميزان ١ / ٥، وانظر الكافى ١ / ٣٧٤.

<<  <   >  >>