للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحاول الشيعة نقض احتجاجات القائلين بالغسل فقالوا بالمنع من الجر بالجوار مستدلين بما استدل به الإمام الرازى (١) ، وقد رأينا الإجابة عن هذه الاعتراضات.

وقالوا: إن ذلك يجرى مجرى " ضربت زيداً وعمراً وأكرمت خالداً وبكراً " فإن رد بكر إلى خالد في الإكرام هو الوجه في الكلام الذي لا يسوغ سواه، ولا يجوز رده إلى الضرب الذي انقطع حكمه.

ونلاحظ هنا بوناً شاسعاً بين هذه الجملة، وبين الآية الكريمة، فبكر لا يجوز فيه إلا النصب، ولا تقارب بين الضرب والإكرام، ولا حكمة وراء هذا الفصل، إلى غير ذلك مما يبين فساد هذا القياس (٢) .

وقالوا بأن حمل المسح على الغسل باطل، ففائدة اللفظين في اللغة والشرع مختلفة، وقد فرق الله سبحانه بين الأعضاء المغسولة وبين الأعضاء الممسوحة. والعطف على الرءوس يعطى نفس الحكم. ولو كان المسح بمعنى الغسل لسقط استدلال القائلين بالغسل بأن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ وغسل رجليه، فيجوز حمل ذلك على المسح. وقولهم " تمسحت للصلاة " المعنى فيه لما أرادوا أن يخبروا عن الطهور بلفظ موجز، ولم يجز أن يقولوا تغسلت للصلاة، لأن ذلك تشبيه بالغسل، قالوا بدلا من ذلك: تمسحت لأن المغسول من الأعضاء ممسوح أيضاً، فتجوزوا لذلك تعويلا على أن المراد مفهوم، وهذا لا يقتضى أن يكونوا جعلوا المسح من أسماء الغسل.

وفي تحديد طهارة الرجلين قالوا: المسح أوجبته الشريعة كالغسل فلا ينكر تحديده، ولم توجب الغسل في اليدين للتحديد، بل للأمر به.

ونلاحظ أن ردهم بأن " المغسول من الأعضاء ممسوح أيضاً فتجوزوا لذلك تعويلاً على أن المراد مفهوم "، من الواضح أنه يؤيد القائلين بحمل المسح على


(١) انظر المرجعين السابقين.
(٢) الشيعة – كما نعلم – لا يأخذون بمثل هذا القياس، ولكنه الانتصار للرأي وكفي!

<<  <   >  >>