للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على التقية " لأنهما موافقان لمذهب بعض العامة ممن يرى المسح ويقول باستيعاب الرجل " (١) .

فالتعصب للرأي أدى إلى الاضطراب والتناقض في التخريج، فمن يخشى بعض الناس، وهم القلة النادرة، كيف يجرؤ على الوقوف أمام الكثرة الغالبة، ويخالف جمهور المسلمين القائلين بالغسل؟ وهناك رواية عن الإمام الصادق ذكرها الكليني في الكافي. والطوسى في كتابيه: التهذيب والاستبصار، استدلوا بها فيما استدلوا على وجوب الترتيب في الوضوء، وهذه الرواية هي:

" عن أبى عبد الله - عليه السلام - قال: إن نسيت فغسلت ذراعيك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعيك بعد الوجه، فإن بدأت بذراعك (٢) الأيسر فأعد على الأيمن ثم اغسل اليسار، وإن نسيت مسح رأسك حتى تغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل رجليك " (٣) .

ولم يتكلم فيها الطوسى، وإنما استدل بها على وجوب الترتيب وكفي، فالرواية صحيحة في نظره، فماذا يقول في غسل الرجلين؟

لو حمل ذلك على التقية لشك الناس في عقليته وتفكيره، فهذه الرواية خالفت ما أجمع عليه المسلمون من عدم إيجاب الترتيب في اليدين، ولكن العاملى في وسائله وقع فيما لم يقع فيه الطوسى، وقال: " غسل الرجلين محمول على التقية " (٤) .

والتعصب للرأي الذي اقترن بالمذهب، والذي كان له أثره فيما وجدنا من الاضطراب في التفكير والتخريج، كان له أثر أسوأ من ذلك بكثير، وهو وضع الأحاديث.


(١) انظر: الوسائل ٢/١٨.
(٢) انظر: الاستبصار ١/٧٤.
(٣) الوسائل ٢ / ٥٢.
(٤)

<<  <   >  >>