للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما قول آمين فقد اعتبروه من الكلام المنهي عنه فى الصلاة، واحتجوا بما روى عن أئمتهم، كقول الإمام الصادق: " إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد، وفرغ من قراءتها، فقل أنت: الحمد لله رب العالمين، ولا تقل آمين (١) .

ونلاحظ فيما سبق أن استدلالهم بالآية الكريمة يصح إذا لم يكن لها ما يخصصها، وأن آراءهم تتعلق بمدى صحة رواياتهم، والأخذ بها، وإلا فلا يمكن أن يكون التأمين كلاما منهيا عنه فى الصلاة، على حين يجوز تشميت العاطس، فالمسألة إذن تتعلق بالأدلة النقلية.

ومن المعروف أن التكلم كان مباحا فى الصلاة، ثم نهي المسلمون عنه، فقد ثبت ما يفيد ذلك، كرواية زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم فى الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه فى الصلاة، حتى نزلت (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام ". رواه الجماعة إلا ابن ماجه (٢) .

وينطبق هذا على رد السلام، وتشميت العاطس، فقد ثبت النهي عنهما، فعن ابن مسعود قال: " كنا نسلم على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو فى الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشى، سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلم عليك فى الصلاة فترد علينا، فقال: " إن فى الصلاة لشغلا " متفق عليه. وفى رواية: " كنا نسلم على النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ كنا بمكة قبل أن نأتى أرض الحبشة، فلما قدمنا من أرض الحبشة أتيناه، فسلمنا عليه، فلم يرد، فأخذنى ما قرب وما بعد حتى قضوا الصلاة، فسألته، فقال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإنه


(١) الاستبصار ١ / ٣١٨.
(٢) انظر: نيل الأوطار ٢ / ٣٦٠.
والبخارىـ كتاب العمل فى الصلاة: باب ما ينهي من الكلام فى الصلاة.
ومسلم ـ كتاب المساجد ـ باب تحريم الكلام فى الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته.

<<  <   >  >>