للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْتِدَاءُ وُقُوعِ النّصْرَانِيّةِ بِنَجْرَان:

فيميون وَصَالح وَنشر النَّصْرَانِيَّة بِنَجْرَانَ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي لَبِيَدِ مَوْلَى الْأَخْنَسِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبّهٍ الْيَمَانِيّ أَنّهُ حَدّثَهُمْ:

أَنّ مَوْقِعَ ذَلِكَ الدّينِ بِنَجْرَانَ كَانَ أَنّ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا أَهْلِ دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يُقَالُ لَهُ فَيْمِيون، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا مُجْتَهِدًا زَاهِدًا فِي الدّنْيَا، مُجَابَ الدّعْوَةِ وَكَانَ سَائِحًا يَنْزِلُ بَيْنَ الْقُرَى، لَا يُعْرَفُ بَقَرِيّةٍ إلّا خَرَجَ مِنْهَا إلَى قَرْيَةٍ لَا يُعْرَفُ بِهَا، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إلّا مِنْ كَسْبِ يَدَيْهِ. وَكَانَ بَنّاءً يَعْمَلُ الطّينَ وَكَانَ يُعَظّمُ الْأَحَدَ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ شَيْئًا، وَخَرَجَ إلَى فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ يُصَلّي بِهَا حَتّى يُمْسِيَ. قَالَ وَكَانَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشّامِ يَعْمَلُ عَمَلَهُ ذَلِكَ مُسْتَخْفِيًا، فَفَطِنَ لِشَأْنِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهَا

ــ

حَدِيثُ فَيُمْؤُنّ

وَيُذْكَرُ عَنْ الطّبَرِيّ أَنّهُ قَالَ فِيهِ قيمؤن بِالْقَافِ وَشَكّ فِيهِ وَقَالَ الْقُتَبِيّ فِيهِ رَجُلٌ مِنْ آلِ جَفْنَةَ مِنْ غَسّانَ جَاءَهُمْ مِنْ الشّامِ، فَحَمَلَهُمْ عَلَى دِينِ عِيسَى - عَلَيْهِ السّلَامُ - وَلَمْ يُسَمّهِ وَقَالَ فِيهِ النّقّاشُ اسْمُهُ يَحْيَى، وَكَانَ أَبُوهُ مَلِكًا فَتُوُفّيَ وَأَرَادَ قَوْمَهُ أَنْ يُمَلّكُوهُ بَعْدَ أَبِيهِ فَفَرّ مِنْ الْمُلْكِ وَلَزِمَ السّيَاحَةَ١ وَذَكَرَ الطّبَرِيّ قِصّةَ الرّجُلِ الّذِي دَعَا لِابْنِهِ فَشُفِيَ بِأَتَمّ مِمّا ذَكَرَهَا ابْنُ إسْحَاقَ، قَالَ فَيُمْؤُنّ حِينَ دَخَلَ مَعَ الرّجُلِ وَكَشَفَ لَهُ عَنْ ابْنِهِ "اللهُمّ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِك دَخَلَ عَلَيْهِ عَدُوّك فِي نِعْمَتِك، لِيُفْسِدَهَا عَلَيْهِ فَاشْفِهِ وَعَافِهِ وَامْنَعْهُ مِنْهُ", فَقَامَ الصّبِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ٢ فَتَبَيّنَ مِنْ هَذَا أَنّ الصّبِيّ كَانَ مَجْنُونًا لِقَوْلِهِ دَخَلَ عَلَيْهِ عَدُوّك، يَعْنِي: الشّيْطَانَ، وَلَيْسَ هَذَا فِي


١ فيمؤن فِي "الطَّبَرِيّ" أَيْضا: فيميون، وَقد وصف بالزهد، وَالْأولَى أَن يُوصف بالتقوى.
٢ فِي "الطَّبَرِيّ" ٢/١٢٠ كَمَا ذكر السُّهيْلي تَمامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>