للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَالُ لَهُ صَالِحٌ فَأَحَبّهُ صَالِحٌ حُبّا لَمْ يُحِبّهُ شَيْئًا كَانَ قَبْلَهُ. فَكَانَ يَتْبَعُهُ حَيْثُ ذَهَبَ. وَلَا يَفْطِنُ لَهُ فَيْمِيون، حَتّى خَرَجَ مَرّةً فِي يَوْمِ الْأَحَدِ إلَى فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ. كَمَا كَانَ يَصْنَعُ وَقَدْ اتّبَعَهُ صَالِحٌ وفَيْمِيون لَا يَدْرِي - فَجَلَسَ صَالِحٌ مِنْهُ مَنْظَرَ الْعَيْنِ مُسْتَخْفِيًا مِنْهُ. لَا يُحِبّ أَنْ يَعْلَمَ بِمَكَانِهِ وَقَامَ فَيْمِيون يُصَلّي، فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلّي إذْ أَقْبَلَ نَحْوَهُ التّنّينُ - الْحَيّةُ ذَاتُ الرّءُوسِ السّبْعَةِ - فَلَمّا رَآهَا فَيْمِيون دَعَا عَلَيْهَا فَمَاتَتْ وَرَآهَا صَالِحٌ وَلَمْ يَدْرِ مَا أَصَابَهَا، فَخَافَهَا عَلَيْهِ. فَعِيلَ عَوْلُهُ. فَصَرَخَ يَا فَيْمِيون التّنّينُ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَك، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ حَتّى فَرَغَ مِنْهَا وَأَمْسَى، فَانْصَرَفَ وَعَرَفَ أَنّهُ قَدْ عَرَفَ وَعَرَفَ صَالِحٌ أَنّهُ قَدْ رَأَى مَكَانَهُ. فَقَالَ لَهُ يَا فَيْمِيون تَعْلَمُ وَاَللهِ أَنّي مَا أَحْبَبْت شَيْئًا قَطّ حُبّك، وَقَدْ أَرَدْت صُحْبَتَك، وَالْكَيْنُونَةَ مَعَك حَيْثُ كُنْت، فَقَالَ مَا شِئْت. أَمْرِي كَمَا تَرَى، فَإِنْ عَلِمْت أَنّك تَقْوَى عَلَيْهِ فَنَعَمْ فَلَزِمَهُ صَالِحٌ وَقَدْ كَادَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ يَفْطِنُونَ لِشَأْنِهِ وَكَانَ إذَا فَاجَأَهُ الْعَبْدَ بِهِ الضّرّ دَعَا لَهُ فَشُفِيَ وَإِذَا دُعِيَ إلَى أَحَدٍ بِهِ ضُرّ لَمْ يَأْتِهِ وَكَانَ لِرَجُلِ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ ابْنٌ ضَرِيرٌ فَسَأَلَ عَنْ شَأْنِ فَيْمِيون، فَقِيلَ لَهُ إنّهُ لَا يَأْتِي أَحَدًا دَعَاهُ وَلَكِنّهُ رَجُلٌ يَعْمَلُ لِلنّاسِ الْبُنْيَانَ بِالْأَجْرِ فَعَمِدَ الرّجُلُ إلَى ابْنِهِ ذَلِكَ فَوَضَعَهُ فِي حُجْرَتِهِ وَأَلْقَى عَلَيْهِ ثَوْبًا، ثُمّ جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ يَا فَيْمِيون،

ــ

حَدِيثِ ابْنِ إسْحَاقَ.

وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ فِي الرّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ مُحَمّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرظِيّ، وَعَنْ بَعْضِ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ خَبَرِ فَيُمْؤُنّ قَالَ وَلَمْ يُسَمّوهُ لِي بِالِاسْمِ الّذِي سَمّاهُ ابْنُ مُنَبّهٍ. قَالَ الْمُؤَلّفُ رَحِمَهُ اللهُ يَحْتَمِلُ أَنّهُمْ سَمّوْهُ يَحْيَى، وَهُوَ الِاسْمُ الّذِي تَقَدّمَ ذِكْرُهُ وَمَا قَالَهُ النّقّاشُ وَالْقُتَبِيّ.

وَفِيهِ ذِكْرُ قَرْيَةِ نَجْرَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَنَجْرَانُ اسْمُ رَجُلٍ كَانَ أَوّلَ مَنْ نَزَلَهَا، فَسُمّيَتْ بِهِ وَهُوَ نَجْرَانُ بْنُ زَيْدِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ. قَالَهُ الْبَكْرِيّ١.


١ فِي "الْقَامُوس": مثله وَفِيه "زَيْدَانَ" بدل "زيد" وَكَذَلِكَ فِي "جمهرة ابْن حزم": زَيْدَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>