للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرّ بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ قَذَفَ فِيهَا بِقِدْحِهِ فَوَثَبَ الْقِدْحُ حَتّى خَرَجَ مِنْهَا لَمْ تَضُرّهُ شَيْئًا فَأَخَذَهُ ثُمّ أَتَى صَاحِبَهُ فَأَخْبَرَهُ بِأَنّهُ قَدْ عَلِمَ الِاسْمَ الّذِي كَتَمَهُ فَقَالَ وَمَا هُوَ؟ قَالَ هُوَ

ــ

تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الْإِسْرَاءُ:١١٠] ، وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ التّسْوِيَةُ بَيْنَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَكَذَلِكَ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ اللهِ تَعَالَى أَفَضْلَ مِنْ شَيْءٍ لِأَنّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ مِنْ رَبّ وَاحِدٍ فَيَسْتَحِيلُ التّفَاضُلُ فِيهِ.

قَالَ الشّيْخُ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ - عَفَا اللهُ عَنْهُ وَجْهُ اسْتِفْتَاحِ الْكَلَامِ مَعَهُمْ أَنْ يُقَالَ هَلْ يَسْتَحِيلُ هَذَا عَقْلًا، أَمْ يَسْتَحِيلُ شَرْعًا؟ وَلَا يَسْتَحِيلُ عَقْلًا أَنْ يُفَضّلَ اللهُ سُبْحَانَهُ عَمَلًا مِنْ الْبِرّ عَلَى عَمَلٍ وَكَلِمَةً مِنْ الذّكْرِ عَلَى كَلِمَةٍ فَإِنّ التّفْضِيلَ رَاجِعٌ إلَى زِيَادَةِ الثّوَابِ وَنُقْصَانِهِ وَقَدْ فُضّلَتْ الْفَرَائِضُ عَلَى النّوَافِلِ بِإِجْمَاعِ وَفُضّلَتْ الصّلَاةُ وَالْجِهَادُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالدّعَاءِ وَالذّكْرُ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ مِنْ بَعْضٍ وَأَجْزَلَ ثَوَابًا فِي الْآخِرَةِ مِنْ بَعْضٍ وَالْأَسْمَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُسَمّى، وَهِيَ مِنْ كَلَامِ اللهِ سُبْحَانَهُ الْقَدِيمِ١ وَلَا نَقُولُ فِي كَلَامِ اللهِ هُوَ هُوَ وَلَا هُوَ غَيْرُهُ كَذَلِكَ لَا نَقُولُ فِي أَسْمَائِهِ الّتِي تَضَمّنَهَا كَلَامُهُ إنّهَا هُوَ وَلَا هِيَ غَيْرُهُ٢ فَإِنْ تَكَلّمْنَا نَحْنُ بِهَا بِأَلْسِنَتِنَا الْمَخْلُوقَةِ وَأَلْفَاظِنَا الْمُحْدَثَةِ فَكَلَامُنَا عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِنَا، وَاَللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – يَقُولُ {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصّافّاتُ:٦٩] ، وَقُبْحًا لِلْمُعْتَزِلَةِ ; فَإِنّهُمْ زَعَمُوا أَنّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ فَأَسْمَاؤُهُ عَلَى أَصْلِهِمْ الْفَاسِدِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ الْمُسَمّى بِهَا، وَسَوّوْا بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَكَلَامِ


١ لَا يجوز الْإِخْبَار عَن الله بِأَنَّهُ قديم، إِذْ لم يرد هَذَا فِي قُرْآن أَو حَدِيث، وَإِنَّمَا يُقَال عَنهُ: إِنَّه الأول بَدَلا من الْقَدِيم، فقد وصف الضلال بِأَنَّهُ قديم، والعرجون كَذَلِك، ثمَّ الْقدَم لَا يمْنَع من أَن يكون لَهُ أول أَو بداية.
٢ الرجل أشعري العقيدة، ورأيهم فِي الصِّفَات منبوذ من سلف الْأمة، وَقد رَجَعَ الْأَشْعَرِيّ عَن هَذَا الْمَذْهَب فِي كِتَابه "الْإِبَانَة" و"مقالات الإسلاميين".

<<  <  ج: ص:  >  >>