للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي أَبِي لُبَابَةَ فِيمَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الْأَنْفَالَ ٢٧] .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُ وَكَانَ قَدْ اسْتَبْطَأَهُ قَالَ "أَمَا إنّهُ لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْت لَهُ فَأَمّا إذْ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَمَا أَنَا بِاَلّذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ"

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ إنّ تَوْبَةَ أَبِي لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السّحَرِ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمّ سَلَمَةَ. "فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ: فَسَمِعْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْت: مِمّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ أَضْحَكَ اللهُ سِنّك؟ "قَالَ تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ قَالَتْ قُلْت: أَفَلَا أُبَشّرُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ "بَلَى"، إنْ شِئْت. قَالَ فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنّ الْحِجَابُ فَقَالَتْ يَا أَبَا لُبَابَةَ أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَيْك. قَالَتْ فَثَارَ النّاسُ إلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ فَقَالَ لَا وَاَللهِ حَتّى يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الّذِي

ــ

فَاطِمَةَ أَرَادَتْ حَلّهُ حِينَ نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ فَقَالَ قَدْ أَقْسَمْت أَلّا يَحُلّنِي إلّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنّ فَاطِمَةَ مُضْغَةٌ مِنّي" فَصَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى فَاطِمَةَ فَهَذَا حَدِيثٌ يَدُلّ عَلَى أَنّ مَنْ سَبّهَا فَقَدْ كَفَرَ وَأَنّ مَنْ صَلّى عَلَيْهَا، فَقَدْ صَلّى عَلَى أَبِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا} [التّوْبَةَ:١٠٢] الْآيَةَ غَيْرَ أَنّ الْمُفَسّرِينَ اخْتَلَفُوا فِي ذَنْبِهِ مَا كَانَ فَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ مَا ذَكَرَهُ فِي السّيرَةِ مِنْ إشَارَتِهِ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَ مِنْ الْمُخَلّفِينَ الّذِينَ تَخَلّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَنَزَلَتْ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>