للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْحَامِي: الْفَحْلُ إذَا نُتِجَ لَهُ عَشْرُ إنَاثٍ مُتَتَابِعَاتٍ لَيْسَ بَيْنَهُنّ ذَكَرٌ حُمِيَ ظَهْرُهُ فَلَمْ يُرْكَبْ وَلَمْ يُجَزّ وَبَرُهُ وَخُلّيَ فِي إبِلِهِ يَضْرِبُ فِيهَا، لَا يَنْتَفِعُ مِنْهُ بِغَيْر ذَلِك.

رَأْي ابْن هِشَام فِيهَا:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَا عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِ هَذَا إلّا الْحَامِي، فَإِنّهُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ. فَالْبَحِيرَةُ عِنْدَهُمْ النّاقَةُ تُشَقّ أُذُنُهَا فَلَا يُرْكَبُ ظَهْرُهَا، وَلَا يُجَزّ وَبَرُهَا، وَلَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا إلّا ضَيْفٌ أَوْ يُتَصَدّقُ بِهِ وَتُهْمَلُ لِآلِهَتِهِمْ. وَالسّائِبَةُ الّتِي يَنْذُرُ الرّجُلُ أَنْ يُسَيّبَهَا إنْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ إنْ أَصَابَ أَمْرًا يَطْلُبُهُ. فَإِذَا كَانَ أَسَابَ نَاقَةً مِنْ إبِلِهِ أَوْ جَمَلًا لِبَعْضِ آلِهَتِهِمْ فَسَابَتْ فَرَعَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا. وَالْوَصِيلَةُ الّتِي تَلِدُ أُمّهَا اثْنَيْنِ فِي كُلّ بَطْنٍ فَيَجْعَلُ صَاحِبُهَا لِآلِهَتِهِ الْإِنَاثَ مِنْهَا، وَلِنَفْسِهِ الذّكُورَ مِنْهَا: فَتَلِدُهَا أُمّهَا وَمَعَهَا ذَكَرٌ فِي بَطْنٍ فَيَقُولُونَ وَصَلَتْ أَخَاهَا، فَيَسِيبُ أَخُوهَا مَعَهَا، فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ١.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدّثَنِي بِهِ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النّحْوِيّ وَغَيْرُهُ. رَوَى بَعْضٌ مَا لَمْ يَرْوِ بَعْضٌ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا بَعَثَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَسُولَهُ مُحَمّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَزَلَ عَلَيْهِ: {مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنّ الّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الْمَائِدَةُ ١٠٣] . وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ

ــ

وَذَكَرَ مَا أَنَزَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الْأَنْعَام ١٣٩] وَفِيهِ مِنْ الْفِقْهِ الزّجْرُ عَنْ التّشَبّهِ بِهِمْ فِي تَخْصِيصِهِمْ الذّكُورَ دُونَ الْإِنَاثِ بِالْهِبَاتِ. رَوَتْ عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنّهُ قَالَ: "يَعْمِدُ


١ وَالْكَلَام فِي الْبحيرَة وَأَخَوَاتهَا كثير مُخْتَلف فِيهِ، وَقد ذكر الإِمَام الألوسي معظمه. انْظُر: "بُلُوغ الأرب" ٣/٣٤-٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>