للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ظِلّ شَجَرَةٍ قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ مِنْ الرّهْبَانِ فَاطّلَعَ الرّاهِبُ إلَى مَيْسَرَةَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا الرّجُلُ الّذِي نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ؟ قَالَ لَهُ مَيْسَرَةُ هَذَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ، فَقَالَ لَهُ الرّاهِبُ مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ قَطّ إِلَّا نَبِي.

رَغْبَة خَدِيجَة فِي الزواج مِنْهُ:

ثُمّ بَاعَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِلْعَتَهُ الّتِي خَرَجَ بِهَا، وَاشْتَرَى مَا أَرَادَ أَنّ يَشْتَرِيَ ثُمّ أَقْبَلَ قَافِلًا إلَى مَكّةَ، وَمَعَهُ مَيْسَرَةُ فَكَانَ مَيْسَرَةُ - فِيمَا يَزْعُمُونَ - إذَا كَانَتْ الْهَاجِرَةُ وَاشْتَدّ الْحَرّ، يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلّانِهِ مِنْ الشّمْسِ - وَهُوَ يَسِيرُ عَلَى بَعِيرِهِ فَلَمّا قَدِمَ مَكّةَ عَلَى خَدِيجَةَ بِمَالِهَا، بَاعَتْ مَا جَاءَ بِهِ فَأَضْعَفَ أَوْ قَرِيبًا. وَحَدّثَهَا مَيْسَرَةُ عَنْ قَوْلِ الرّاهِبِ وَعَمّا كَانَ يَرَى مِنْ إظْلَالِ الْمَلَكَيْنِ إيّاهُ وَكَانَتْ خَدِيجَةُ امْرَأَةً حَازِمَةً شَرِيفَةً لَبِيبَةً مَعَ مَا أَرَادَ اللهُ بِهَا مِنْ كَرَامَتِهِ فَلَمّا أَخْبَرَهَا مَيْسَرَةُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ بَعَثَتْ إلَى

ــ

هَذِهِ السّاعَةَ إلّا نَبِيّ، وَلَمْ يُرِدْ مَا نَزَلَ تَحْتَهَا قَطّ إلّا نَبِيّ. لِبُعْدِ الْعَهْدِ بِالْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِ الْخَبَرِ: قَطّ، فَقَدْ تَكَلّمَ بِهَا عَلَى جِهَةِ التّوْكِيدِ لِلنّفْيِ وَالشّجَرَةُ لَا تُعَمّرُ فِي الْعَادَةِ هَذَا الْعُمْرَ الطّوِيلَ حَتّى يَدْرِيَ أَنّهُ لَمْ يَنْزِلْ تَحْتَهَا إلّا عِيسَى، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السّلَامُ - وَيَبْعُدُ فِي الْعَادَةِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ شَجَرَةٌ تَخْلُو مِنْ أَنْ يَنْزِلَ تَحْتَهَا أَحَدٌ، حَتّى يَجِيءَ نَبِيّ إلّا أَنْ تَصِحّ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَنْزِلْ تَحْتَهَا أَحَدٌ بَعْدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السّلَامُ - وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ، فَالشّجَرَةُ عَلَى هَذَا مَخْصُوصَةٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا الرّاهِبُ ذَكَرُوا أَنّ اسْمَهُ نَسْطُورًا١ وَلَيْسَ هُوَ بَحِيرَى الْمُتَقَدّمُ ذِكْرُهُ.


١ قلت: إِن الصليبية استغلت هَذِه الأكذوبة، فَادّعى أحدهم وَهُوَ: نيكولدس أَن اثْنَيْنِ من الْيَهُود، ومسيحياً يقوبياً يدعى: بحيرى أمدا مُحَمَّدًا بِكَثِير من المعلومات ... الخ انْظُر: "الحضارة الإسلامية" ص٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>