للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُرَيْشٍ، وَأَشَدّ شَكِيمَةً فَلَمّا مَرّ بِالْمَوْلَاةِ وَقَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَيْتِهِ قَالَتْ لَهُ يَا أَبَا عُمَارَةَ لَوْ رَأَيْت مَا لَقِيَ ابْنَ أَخِيك مُحَمّدٍ آنِفًا مِنْ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ وَجَدَهُ هَهُنَا جَالِسًا، فَآذَاهُ وَسَبّهُ وَبَلَغَ مِنْهُ مَا يَكْرَهُ ثُمّ انْصَرَفَ عَنْهُ وَلَمْ يكلمهُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

إِيقَاع حَمْزَة بِأبي جهل وإسلامه:

فَاحْتَمَلَ حَمْزَةَ الْغَضَبُ لِمَا أَرَادَ اللهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ فَخَرَجَ يَسْعَى، وَلَمْ يَقِفْ عَلَى أَحَدٍ، مُعِدّا لِأَبِي جَهْلٍ إذَا لَقِيَهُ أَنْ يُوقِعَ بِهِ فَلَمّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ نَظَرَ إلَيْهِ جَالِسًا فِي الْقَوْمِ فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتّى إذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ رَفَعَ الْقَوْسَ فَضَرَبَهُ بِهَا، فَشَجّهُ شَجّةً مُنْكَرَةً ثُمّ قَالَ أَتَشْتُمُهُ فَأَنَا عَلَى دِينِهِ أَقُولُ مَا يَقُولُ؟ فَرُدّ ذَلِكَ عَلَيّ إنْ اسْتَطَعْت. فَقَامَتْ رِجَالٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إلَى حَمْزَةَ لِيَنْصُرُوا أَبَا جَهْلٍ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ دَعُوا أَبَا عُمَارَةَ فَإِنّي وَاَللهِ قَدْ سَبَبْت ابْنَ أَخِيهِ سَبّا قَبِيحًا، وَتَمّ حَمْزَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى إسْلَامِهِ وَعَلَى مَا تَابَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْمِهِ. فَلَمّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَزّ وَامْتَنَعَ وَأَنّ حَمْزَةَ سَيَمْنَعُهُ فَكَفّوا عَنْ بَعْضِ مَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ.

قَول عتبَة بن ربيعَة فِي أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

مَا دَار بَين عتبَة وَبَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ، قَالَ:

ــ

وَاحِدَةٍ فَوَلَدَتْ هَالَةُ لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ حَمْزَةَ. وَوَلَدَتْ آمِنَةُ لِعَبْدِ اللهِ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمّ أَرْضَعَتْهُمَا ثُوَيْبَةُ كَمَا تَقَدّمَ وَزَادَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ فِي إسْلَامِ حَمْزَةَ أَنّهُ قَالَ لَمّا احْتَمَلَنِي الْغَضَبُ وَقُلْت: أَنَا عَلَى قَوْلِهِ أَدْرَكَنِي النّدَمُ عَلَى فِرَاقِ دِينِ آبَائِي وَقَوْمِي، وَبِتّ مِنْ الشّكّ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ لَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمِ ثُمّ أَتَيْت الْكَعْبَةَ، وَتَضَرّعْت إلَى اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يَشْرَحَ صَدْرِي لِلْحَقّ وَيُذْهِبَ عَنّي الرّيْبَ فَمَا اسْتَتْمَمْتُ دُعَائِي حَتّى زَاحَ عَنّي الْبَاطِلُ وَامْتَلَأَ قَلْبِي يَقِينًا - أَوْ كَمَا قَالَ - فَغَدَوْت إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْته بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِي، فَدَعَا لِي بِأَنْ يُثَبّتَنِي اللهُ وَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ حِينَ أَسْلَمَ:

حَمِدْت اللهَ حِينَ هَدَى فُؤَادِي ... إلَى الْإِسْلَامِ وَالدّينِ الْحَنِيفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>