للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولاء الروم؛ فببركته صلّى الله عليه وسلّم وبتوسطه في المنع خاب سعي الحويرث.

ومن محاسنه أيضا ومكارم أخلاقه كفالته ابن عمه عليّ بن أبى طالب.

ومنها فديته زيدا القضاعى بن حارثة بن شرحبيل الذى وقع أسيرا عند أعدائه، فاشتراه صلّى الله عليه وسلّم وأعتقه، فظهر لقريش حكمه وكرمه، وأنه فاق في ذلك اباءه وأجداده.

قريش خيار بني ادم ... وخير قريش بنو هاشم

وخير بني هاشم كلهم ... نبيّ الإله أبو القاسم

وكان صلّى الله عليه وسلّم أمّيا لا يكتب ولا يقرأ، وفي وجوده بهذه الصفة تنبيه على أنّ كمال علمه مع حالة الأمية من معجزاته، ونسبته إلى الأم كأنه على حاله التى ولد عليها، لا يعرف كتابة ولا قراءة، وفي الحديث: «إنّا أمّة أميّة لا نحسب ولا نكتب» «١» .

وكانت الأمية في حقه صلّى الله عليه وسلّم معجزة، وإن كانت في حقّ غيره غير ممدوحة، قال القاضى عياض: «لأن معجزته العظمى القران العظيم، إنما هى متعلقة بطريقة المعارف والعلوم، مع ما منح صلّى الله عليه وسلّم وفضّل به من ذلك، ووجود مثل ذلك ممن لم يقرأ ولم يكتب ولم يدارس ولم يلقّن مقتضى العجب ومنتهى العبر ومعجز للبشر؛ فليس فيه إذ ذاك نقيصة؛ إذ المطلوب من القراءة والكتابة المعرفة، وإنما هى الة وواسطة موصّلة إليها، غير مرادة في نفسها، فإذا حصلت الثمرة والمطلوب استغنى عن الواسطة» .

وقال أيضا: «إنّ من وصفه صلّى الله عليه وسلّم بالأمية أو نحوها من اليتم وما جرى عليه من الأذي؛ فإن قصد بذلك مقصده من التعظيم والدلالة على نبوته ونحو ذلك كان حسنا، ومن أراد ذلك على غير وجهه، وعلم منه سوء مقصده لحق بالسّابّ، فيقتل أو يؤدّب بحسب حاله» . انتهي.


(١) متفق عليه ورواه أبو داود والنسائى عن ابن عمر.