للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبوا عليه. فلما رجعت بنو عامر إلى منازلهم، وكان فيهم شيخ أدركه السن، حتى لا يقدر أن يوافى معهم الموسم، فقدموا عليه، سألهم عمّا كان في موسمهم، فقالوا: جاءنا فتى من قريش، أحد بن عبد المطلب، يزعم أنه نبي، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه، ونخرج إلى بلادنا. فوضع الشيخ يده على رأسه، ثم قال:

يا بنى عامر، هل لها من تلاف؟ هل لها من مطّلب؟ والذى نفسى بيده ما يدّعى النبوة كاذبا أحد من بنى إسماعيل قط، وإنها لحق، وإن رأيكم غاب عنكم.

وقد بشّر بظهوره وهجرته [من ملوك حمير الملك الحارث الرايش أبو التبابعة فى أبيات يقول فيها:

أنا الملك المتوّج ذو العطايا ... جلبت الخيل من أوطان شام

لنوطنها البلاد إلى بلاد ... تداولها الملوك من ال رام

لأنّا الأغلبون إذا بطشنا ... وأنّا المنقمون لكل دام

وأنّا يوم نغضب أو نسامي ... تكاد الأرض ترجف بالأنام

ولن ترضى تقرّ بمن عليها ... ويشرق وجهها بعد الظلام

وفينا الملك والأملاك منّا ... ونحن الأكرمون بنو الكرام

أبونا يعرب، وبه نسامي ... فنقهر من يفاخر أو يسامي

فإن أهلك فقد أمّلت ملكا ... لكم يبقى إلى وقت التّهامي «١»

ويملك بعدنا منّا ملوك ... يديمون الأنام بغير دام

ويخرج بعدهم رجل عظيم ... نبيّ لا يرخّص في الحرام

يفارق أهله، وله كتاب ... يوافق خطّه رجع الكلام «٢»

وأحمد اسمه، يا ليت أنّي ... أؤخّر بعد مخرجه بعام

ويخلف بعده خلفاء برّ ... وتملك بعده أولاد عام


(١) هو النبى صلّى الله عليه وسلّم، نسبة إلى تهامة بكسر التاء. وفي المراصد: «تهامة تساير البحر، ومنها مكة» وأصل البلاد: تهامة، والحجاز، ونجد، وإنما سمي الحجاز حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد.
(٢) الرجع: الصدي، والترجيع: الترديد في الحلق.