للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثابت، وفي الجامع الصغير: «الشعر بمنزلة الكلام؛ فحسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام» .

وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يسمع الشعر ويستنشده، فقد ذكر بعضهم أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يستنشد الخنساء (أخت صخر لأمه) ، ويعجبه شعرها، فكانت تنشده وهو يقول: «هيه يا خناس» ، ويوميء بيده. وكذلك سمع الشعر من النابغة الجعدى حين دخل عليه، وأنشده:

ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا

ولا خير في جهل «١» إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد القوم أصدرا «٢»

فقال له النبى صلّى الله عليه وسلّم: «لا فضّ الله فاك» .

وسماعه صلّى الله عليه وسلّم قصيدة كعب بن زهير، وإجازته عليه بالبردة الشريفة أدلّ دليل على عدم كراهته للشعر المباح.

وقال بعضهم: أجمع أهل العلم بأنه لم تكن امرأة قبل الخنساء ولا بعدها أشعر منها، ومن شعرها في أخيها المذكور:

أعينيّ جودا ولا تجمدا ... ألا تبكيان لصخر النّدي

طويل النجاد عظيم الرّماد ... وساد عشيرته أمردا

وللجلال السيوطى كتاب سمّاه: «نزهة الجلساء في أشعار الخنساء» .

وقال ابن عباس رضى الله عنهما: «إذا خفى عليكم شيء من غريب القران فالتمسوه في الشعر؛ فإن الشعر ديوان العرب» ، وفي كلام عمر رضى الله عنه:

«أفضل صناعات الرجل نعم الأبيات من الشعر يقدّمها في صدر حاجته، فيستعطف بها قلب الكريم، ويستميل بها لؤم اللئيم» .


(١) غضب.
(٢) أورد: أحضر إبله إلى الماء ليسقيه. أصدر: انصرف عن الماء بعد أن سقى إبله.