للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النحل: ٦٧] ، وكانت الخمر والميسر مما يستطاب عندهم، بيّن الله في هذه الاية «١» أن الخمر والميسر غير داخلين في جملة الطيبات والحلال، بل هما من جملة المحرمات.

وروى أبو ميسرة أن عمر بن الخطاب- رضى الله تعالى عنه- قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الاية التى في سورة البقرة: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ، فدعي عمر فقرئت عليه، ثم قال: اللهم بين لنا فى الخمر بيانا شافيا، فنزلت الاية التى في النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ الاية. فدعي عمر فقرئت عليه ثم قال:

«اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا» . فنزلت الاية التى في المائدة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ، فَاجْتَنِبُوهُ إلى قوله تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ، فدعى عمر فقرئت عليه، فقال: قد انتهينا. أخرجه الترمذى من طريقين، وقال رواية عن أبى ميسرة: هذا أصح، وأخرجه أبو داود والنسائي.

وروى مصعب بن سعد عن أبيّ قال: صنع رجل من الأنصار طعاما فدعانا فشربنا- وذلك قبل أن تحرّم الخمر- حتى انتشينا، فتفاخرت الأنصار وقريش، فقالت الأنصار: نحن أفضل منكم، فقال سعد بن أبى وقاص: المهاجرون خير منكم، فأخذ رجل من الأنصار لحي «٢» جمل فضرب رأس سعد فشجه شجة موضحة «٣» ، فأتى سعد لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، فنزلت هذه الاية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ.

وقال ابن عباس: نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شربوا حتى ثملوا وعبث بعضهم ببعض، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه ولحيته، فيقول: فعل بى هذا أخي فلان، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، فأنزل الله تحريم الخمر في هذه الاية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ.


(١) المائدة: ٩٠، ٩١.
(٢) لحى جمل: أي عظمة.
(٣) أى أبدت العظم واضحا.