للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى خيبر على أنّ لهم ثلث ما حملت الإبل من أموالهم، إلا السلاح، ولرسول الله صلّى الله عليه وسلّم نخلهم وأرضهم، فأجابهم إليه، فخرجوا ومعهم الدفوف والمزامير تجلدا، فمضى من بنى النضير إلى خيبر ناس، وناس إلى الشام، وبقيت أموالهم فيئا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالصة له دون المسلمين؛ لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب، يقسّمها كيف شاء وحيث شاء، إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة فذكرا فقرا فأعطاهما منه شيئا.

ويروى أن النبى صلّى الله عليه وسلّم لما ظهر على أموال بنى النضير، قال للأنصار: «إن إخوانكم من المهاجرين ليست لهم أموال، فإن شئتم قسّمت هذه الأموال بينكم وبينهم جميعا، وإن شئتم أمسكتم أموالكم، فقسمت هذه فيهم» ، قال السعدان (سعد بن معاذ وسعد بن عبادة) : «بل اقسم هذه فيهم، واقسم لهم من أموالنا ما شئت» فقال بقية الأنصار مثل ذلك تبعا للسعدين، ففرح صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار» «١» . فأنزل الله فيهم قوله تعالى:

وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ «٢» ، أى فاقة وحاجة إلى ما يؤثرون، فلهذا قسم صلّى الله عليه وسلّم الأموال على المهاجرين بحسب ما اقتضته المصلحة، فعيّن لأبى بكر، وعبد الرحمن بن عوف، وصهيب، وأبى سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ضياعا معروفة، ومن الأنصار أعطى سهل بن حنيف، وأبا دجانة شيئا لفقرهما.

وفي بنى النضير نزلت سورة الحشر «٣» التى سمّاها ابن عباس- رضى الله عنه- «سورة النضير» كما رواه سعد بن جبير.

وفي سنة أربع قصرت الصلاة الرباعية إلى ركعتين في السفر، وهذا مبنيّ على أن هذه الصلاة أربعة تامة، ثم قصرت في السفر، وقيل إنها فرضت في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وهو قول ابن عباس- رضى الله عنه- قال:

فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين- رواه مسلم وغيره- كذا في «المواهب اللدنية» .


(١) رواه ابن ماجه عن عمرو بن عوف بلفظ «رحم ا (الأنصار» بدل «اللهم ارحم الأنصار» .
(٢) الحشر: ٩.
(٣) هي السورة التاسعة والخمسون في ترتيب المصحف، واياتها ٢٤ اية.