للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يوص صلّى الله عليه وسلّم بما يورث؛ إذ لم يترك دينارا، ولا درهما، ولا عبدا، ولا أمة، ولا شاة، ولا بعيرا، بل توفى ولم يجد ما يفكّ به درع حربه الزردية، وهى ذات الفضول (بالضاد المعجمة لطولها) أرسل بها إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر، وكانت من حديد، وهى التى رهنها عند أبى الشحم اليهودى على ثلاثين صاعا من شعير، وكان الدّين إلى سنة. إنما أوصى بكتاب الله المبين، وبالصلاة والزكاة والأرّقاء ملك اليمين، حتى إنّ صدره ليغرغر بذلك، وما يكاد لسانه يبين. وفعله «١» صلّى الله عليه وسلّم من باب التشريع، وإلا فالنبى صلّى الله عليه وسلّم أغنى العالمين على الإطلاق، وكذا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لم يبعثوا إلا ليشرّعوا، فكان دينه صلّى الله عليه وسلّم تشريعا لأمته، ويجوز الدّين برهن وغير رهن، وقد ورد في الحديث: «تداينوا ترزقوا» «٢» ومعناه إذا كان خفيفا، وورد في حديث اخر: «يد الله فوق يد المدين ما دام ينوى السداد» «٣» .

وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه يحب الدين الخفيف؛ حتى يدخل في الحديث.

* وبعد وفاته دهش الناس وطاشت عقولهم، واختلفت أحوالهم في ذلك؛ فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: من قال إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مات علوت رأسه بسيفى هذا، وإنما ارتفع إلى السماء. فقرأ أبو بكر رضى الله عنه: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى قوله وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [ال عمران:

١٤٤، ١٤٥] فرجع القوم إلى قوله وبادروا إلى سقيفة بنى ساعدة، وهي دار سعد بن عبادة، وكان سعد بن عبادة مريضا، وقالوا: نوليه هذا الأمر، فبايع عمر أبا بكر، ثم بايعه الناس خلا جماعة.

وغسل صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرات؛ الأولى بالماء القراح، والثانية بالماء والسدر، والثالثة


(١) أى الدين.
(٢) وروى الإمام أحمد أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها كانت تكثر من الاستدانة ولها عنها مندوحة، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من عبد كانت له نية في أداء دينة إلا كان له من الله عون» فأنا ألتمس العون من الله. وزاد الطبراني «وسبّب له رزقا» . وكذلك كانت تفعل أم المؤمنين ميمونة رضى الله عنها التماسا لمعونة الله تعالى.
(٣) وروى الإمام أحمد أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها كانت تكثر من الاستدانة ولها عنها مندوحة، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من عبد كانت له نية في أداء دينة إلا كان له من الله عون» فأنا ألتمس العون من الله. وزاد الطبراني «وسبّب له رزقا» . وكذلك كانت تفعل أم المؤمنين ميمونة رضى الله عنها التماسا لمعونة الله تعالى.