للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان جبريل يخبر النبى صلّى الله عليه وسلّم بموضعها من القران. فالقران في اللوح المحفوظ على النحو الذى في مصاحفنا الان.

فإن قيل، فما معنى الإنزال؟ أجيب أن لهم فيه اختلافا، فمنهم من قال: إنه عبارة عن إظهار القراءة، ومنهم من قال: إن الله ألهم كلامه جبريل وهو في السماء، وعلّمه قراءته، ثم أدّاه جبريل في الأرض.

فإن قيل: فما كيفية التأدية؟ أجيب بأنهم ذكروا فيها طريقتين:

إحداهما: أن النبى صلّى الله عليه وسلّم انخلع من صورة البشرية إلي صورة الملكية، وأخذه من جبريل.

وثانيتهما: أن الملك انخلع إلي البشرية حتّى يأخذه الرسول منه، والأوّل أصعب الحالين.

والمراد بالانخلاع الظهور بتلك الصورة، لا مفارقة الطبع بالمرة كما هو ظاهر، فإن قيل: فما كيفية تلقّى جبريل له؟ أجيب بما قاله الطيبي: لعله تلقّفه من الله تلقّفا روحانيا، أو يحفظه من اللوح المحفوظ، فينزل به إلي الرسول ويلقيه عليه، وفسر بعض المحققين التلقف الروحانى بالإلهام.

فإن قيل: فما النازل علي النبى صلّى الله عليه وسلّم؟ أجيب بأن فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه اللفظ والمعنى، وأن جبريل حفظ القران من اللوح المحفوظ، ونزل به.

والثاني: أن جبريل إنما نزل بالمعانى خاصة، وأنه صلّى الله عليه وسلّم علّم تلك المعانى وعبّر عنها بلغة العرب، وتمسك قائله بقوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ «١» .

والثالث: أن جبريل ألقى عليه المعنى، وأنه عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأن أهل السماء يقرؤنه بالعربية، ثم إنه نزل به كذلك.


(١) (الشعراء: ١٩٢، ١٩٣) .