للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان صَدْراً لكلِّ نَاد، حتى قرَض الدهرُ منه رفيعَ العِماد:

وزهْرةُ الدنيا وإن أيْنعَتْ ... فإنَّها تُسْقَى بماء الزَّوال

وللطَّالُوِيّ فيه مدائح وبينهما محاورات، منها قوله:

عهدَ السرورِ ورَيْعانَ الهوى ... النَّضِرِ سقاكَ عهدُ الحَيَا رَقْراقَ مُنحِدرِ

وجاد رَبْعَك وَسْمِيٌّ تُكرِّرُه ... رِيحُ الصَّبا بين مُنْهَلٍّ ومُنهمِرِ

وغرَّدتْ برُباكَ الوُرْقُ وابتكَرتْ ... بلَحْن مَعْبَد تتلُو طَيِّبَ الخَبرِ

ولا برحتَ مغان للحِسان ولا ... رمَتْك أيدِي النَّوى بالحادثِ الغَدِرِ

ولا أغَبَّتْكَ أرواحُ النَّسيم ولا ... عَدَتْ مغانِيكَ أخْلافٌ من المطرِ

كم لي بها وشَبابي الغَضُّ مُقتبِلٌ ... من منْزلٍ آهل بالشوقِ والذّكرِ

كم اجْتلَيْتُ بدوراً من مطالِعها ... قد لُحْنَ تحت سناءٍ من سنَا قمرِ

من كلِّ رُعْبُوبٍةَ تهْفُو بمُصْطَبَرِي ... قد زانَها الحسنُ بين الدَّلِّ والخَفَرِ

وَودٌ كسَتْها يدُ الأيَّام ثوبَ صِباً ... وصيَّرتْها الليالي فِتنَةَ البشرِ

هيْفاءُ صَبَّ الصِّبا ماءَ الشبابِ على ... أعْطافِها وكساها حُلَّةَ الخفَرِ

قامت تُعانِقُني عند الوِداع وقد ... قلَّدْتُها من دموعي رائِقَ الدُرَرِ

<<  <   >  >>