للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمرات الآداب، بل الرَّوْض الأرِيض، الذي سُقِيَ من ماء الشَّباب، فأجاب وأجاد، وصَفَّى من قَذَى الكَدَر مواردَ الوِدَاد، وهذه، كواكبُها المُشرِقة في دياجي نفسِه، وثمراتها الزَّاهية في رِياض طِرسِه:

طالتْ وقد قصُرتْ عنها العباراتُ ... وحازتِ الحُسْنَ هاتِيكَ البَراعاتُ

غرَّاءُ فائقةٌ باللُّطفِ رائقةٌ ... تحلُو الْخَلاعاتُ فيها والصَّباباتُ

أختُ الغزالةِ إشْراقاً ومُلتَفَتاً ... لها لدَى السَّمعِ لذَّاتٌ ونَشْآتُ

نسِيِبُها أطربَ الأسماعَ مَوقِعُهُ ... ومدحُها مالَه في الْحُسنِ غاياتُ

كأنَّ حُرَّ معانيها ورِقَّتهَا ... في لفظِها الخمرُ تجلُوه الزُّجَاجاتُ

يحلُو المُكرَّر من ألفاظِها ولَكمْ ... مُلَّ المُكرَّرُ طبْعا والمُعاداتُ

أتتْ إليَّ وبدرُ الفكرِ مُنخسِفٌ ... ومالَه في سماَ الإدْراكِ هالاتُ

وللهمومِ اطِّرادٌ في الفؤادِ كما ... ضَمَّتْ عِتاقَ الْمَذَاكي الجُرْدَ حَلْباتُ

أسامِر النَّجمَ في الليلِ الطويلِ ولا ... أغفُو وكم لعُيونِ النَّجمٍ غَفواتُ

فقمتُ في الحالِ إجلالاً لها وسَرتْ ... عنِّي الهمومُ وزارَتنيِ المسرَّاتُ

وظَلْتُ مُنتصِباً لمَّا ارتفعت بها ... وكان عندي بذلِّ النَّفسِ كسراتُ

قبَّلْتهُا ألفَ ألفٍ ثم زِدْتُ فلم ... أحسِبْ وكم للكثيرِ العدِّ غَلْطاتُ

وكان أُفْقُ زماني مُظلِماً فبدَا ... فيه شِهابٌ لنا منهُ إناراتُ

شهابُ علمٍ ولكن نوره أبداً ... بالذَّاتِ ما عرَضتْ فيه الإضاءاتُ

<<  <   >  >>