للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان بعد ما وقع له بالرُّوم هاجَر لبني حسن، وأقام في ظِلَّهم بمكة مُؤتلفِاً بهم ائتْلافَ المُقْلة بالوَسنَ.

فأينعتْ زَهْرته بعد الذُّبول، وسقاه صَيبُ كرمِهمْ وهّبتْ له نسماتُ القبول.

فلما تُوُفَّى السيدُ مسعود، تبدَّل بالنَّحسْ السُّعود.

فجدَّد ديباجَته وارْتحل، عملا بقولهم: إذا نَبَا بك منْزلٌ فتحوَّل.

ولأمْرٍ ما ثَنى القِرْنُ عطفْهَ، وجدَع قَصيرٌ أنْفَه.

وكانت أيامُه غَضَّةْ نَضِرة، تكاد في عصْرِه تقطُر منها مياهُ المسرَّة.

وكان في جَمْع المعارف والنّوادر ممَّن لم يرَ الدهرُ نَظيرَه، ولم يطِنَّ على سمعهِ حديثٌ كأحاديثِه النَّضيرة.

فهو ذُكاء الفلك، وهو بشَرٌ بل مَلَك.

فمما ترشَّح من قَطراتِه، وجرى في المسامع من عذْبِ كلماتِه، قوله

يا شقيقَ الروح والجسم ويا ... دَوْحةً بالودّ فضْلاً أثْمَرتْ

بحياةِ الوُد إلا صُنْتهَ ... لِمُحبٍ روحُه قد سُعِّرتْ

كنتُ ل أخْشى حسوداً لا ولا ... عينَ واشٍ إنْ بسُوءِ نظرَتْ

وأرى الوُدّ وهَى بُنْيانهُ ... ما كأنَّ العينَ إلا أثَّرتْ

<<  <   >  >>