للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووِدادِي كما عرفْتَ وِدادِي ... وفُؤادِي كما عهِدْتَ فُؤادِي

وصاحب البيت أدْرَي بالذي فيه، وأن للبَيْت ربَّا يحْمِيه، وقد عرَض من السِّقَم ما عاق عن العِيادة، وأقعدني عن القيام بأمرها وهي عِبادة، وكيف يصحُّ بدنٌ وروحُه سقيمة، فلذا أنشد لسانُ حال المودَّةِ السَّليمة:

رأيتُ الفضْلَ في الدنيا غريباً ... ضعيفاً في معالِمها نحيفَا

فلما أن سألتُ الدهرَ عنه ... أجاب مُلاحِظاً معنًى لطيفَا

وقال لِيَ ابنُ قاسمٍ المُفدَّى ... وعينُ الفضلِ قد أمْسَى ضعيفَا

فقلتُ له حَمَى الله المعالي ... بصِحَّتِه وآمَنَه المَخُوفَا

وكتبتُ مع ذلك شعرا، عرضتُه عليه، وهو قولي مُضِّمنا:

يزيدُ اشْتياقِي نحوَ مصرَ وأهلِها ... كما زاد مَدُّ النِّيلِ حتَّى تفجَّرَا

أذاب النَّوى صبْرِي وأفْنَى مدامعِي ... فقالوا سَلاَ عن حُبِّنا وتَستَرَا

ولم يَبْقَ لي إلا تَفَكُّرُ نيِلِها ... ولو شئتُ أن أبْكي بكيتُ تَفَكُّرَا

وقولي أيضاً:

إن وَجْدِي بمصرَ وَجْدٌ قديمٌ ... وحنِينِي كما ترَون حِنينِي

لم يزَلْ في خيالِيَ النِّيلُ حتَّى ... زاد عن فِكْرتي ففاضَتْ عيُونِي

وقولي، ناسِجاً على مِنْوال شعر الزَّمَخْشَرِيّ المشهور:

وقائلةٍ ما هذه الأبحرُ التي ... جرَتْ من مآقيهِ ولم تَكُ غائِضَهْ

فقالوا لها أنهارُ مصرَ التي ثَوَتْ ... بخاطرِه أمْسَتْ من العينِ فائِضَهْ

ثم عَنَّ ليّ معنًى آخر، حال الكتابة، وهو:

<<  <   >  >>