للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الآيات التي ظهرت في مدة رضاعته صلّى اللَّه عليه وسلم

فقد روى محمد بن إسحاق عن جهم بن أبي الجهم [ (١) ] ، عن عبد اللَّه بن جعفر [بن أبي طالب] [ (٢) ] عن حليمة بنت الحرث السعدية [ (٣) ] قالت: أصابتنا سنة شهباء [ (٤) ] لم تبق لنا شيئا، فخرجت مع نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء [ (٥) ] بمكة على أتان [ (٦) ] لي قمراء [ (٧) ] ، فلم تبق منا امرأة إلا عرض عليها النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فتأباه، وعرض عليّ فأبيته، ذلك أن الظؤورة [ (٨) ] إنما كانوا يرجون الخير من قبل الآباء ويقولون: لا أب له وما عسى أن تفعل أمه، فلم تبق منهن امرأة إلا أخذت رضيعا غيري، وحان انصرافهن إلى بلادهن.

فقلت لزوجي: لو أخذت ذلك الغلام اليتيم كان أمثل من أن أرجع بغير رضيع، فأتيت أمه فأخذته ثم جئت بعد ذلك، إلى منزلي، فكان لي ابن صغير واللَّه لن ينام من الجوع، فلما ألقيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم على ثدي أقبلا عليه بما شاء من


[ (١) ] هو جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب الجمحيّ.
[ (٢) ] زيادة في النسب من (ابن هشام) .
[ (٣) ] هي حليمة ابنة أبي ذؤيب، وأبو ذؤيب: عبد اللَّه بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة ابن فصيّة بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان ابن مضر، قدمت عليه صلّى اللَّه عليه وسلم وقد تزوج خديجة فشكت إليه جدب البلاد، فكلم خديجة فأعطتها أربعين شاة، وأعطتها بعيرا، ثم قدمت عليه صلّى اللَّه عليه وسلم بعد النبوة فأسلمت وبايعت، وأسلم زوجها الحارث بن عبد العزى.
[ (٤) ] سنة شهباء: يعني سنة قحط، لأن الأرض فيها تكون بيضاء.
[ (٥) ] الرضعاء: جمع رضيع، وهم الأطفال حديثو الولادة.
[ (٦) ] الأتان: أنثى الحمار.
[ (٧) ] قمراء: أي يميل لونها إلى الخضرة.
[ (٨) ] الظؤورة: جمع ظئر، وهي العاطفة على ولد غيرها، المرضعة له، في الناس وغيرهم، للذكر والأنثى، وتجمع على: أظؤر، وأظآر، وظؤور، وظؤورة، وظؤار، وظؤرة. (ترتيب القاموس) :
٣/ ١١٩.