للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الآية]]

وأما الآية: فإنّها العلامة، والمعجبة، والخارقة للعادة، فهي أعم من المعجزة، لأن من شرط المعجزة التحدي بها، بخلاف الآية، فقد لا يتحدى بها، بل تظهر خارقة للعادة على يد النبي، وإن لم يتحد بها في الحال، فعلى هذا يقال لما تقدم من ذلك البعثة النبويّة، بل وجوده عليه السلام آية، ولا تقال له: معجزة، إلا بنوع من المجاز بنا، على أن المعجزة بمعنى الخارقة في الجملة، ولذلك لما وقع من ذلك بعد وفاته عليه السلام آية، لأن الآية تشمل المعجزة وغيرها.

وقد تغلغل بنا الكلام في هذه المهمات، وفيها فوائد تعود بخير لمن وفقه اللَّه إلى سواء السبيل، وهذا حين أشرع في إيراد ما أمكن من معجزات رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فأقول:

اعلم أن معجزات الرسول صلّى اللَّه عليه وسلم كثيرة جدا، وقد ذكر بعض أهل العلم أن أعلام نبوته تبلغ ألفا [ (١) ] ، وقال القاضي أبو بكر بن العربيّ [ (٢) ] : والنبي إذا عظم قدره عظمت أسماؤه، وأما معجزاته فقد بينا في كتاب- (الأصول والإملاء لأنوار الفجر) [ (٣) ] ألف معجزة جمعناها للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، منها ما هو في القرآن قد تواتر، ومنها ما نقل آحادا، ومجموعها خرق للعادة على يديه صلّى اللَّه عليه وسلم.

وكانت صورة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وهيئته وسمته وشمائله، تدل العقلاء على صدقه، ولهذا قال عبد اللَّه بن سلام: فلما رأيت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب، ولذا كان من سمع كلامه، ورأى آدابه، لم يدخله شك، وقد كان في صغر سنه وبدء [ (٤) ] أمره، يعرف بالأمانة والصدق وجميل الأخلاق، كما تقدم ذكره.


[ (١) ] (دلائل النبوة للبيهقي) : ٥/ ٤٩٩- ٥٠٠.
[ (٢) ] هو محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن أحمد، شيخ القاضي عياض (٤٦٨- ٥٤٣ هـ) .
[ (٣) ] من مؤلفات المقريزي رحمه اللَّه.
[ (٤) ] في (خ) : «وبدو» .