للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأما عيسى عليه السلام]

فإن اللَّه تعالى خصه بإرسال الروح الأمين إلى أمه فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا

[ (١) ] ، ليهب لها غلاما زكيا، فحملت به، وأنه نطق في المهد، وقد أعطى اللَّه نبينا صلّى اللَّه عليه وسلم ضروبا من هذه الآيات، فبشرت به أمه آمنة وهي حامل به، وظهرت لها الآيات عند وضعها كما تقدم ذكره، وقد قال تعالى عن عيسى: وَرَحْمَةً مِنَّا [ (٢) ] .

ونبينا صلّى اللَّه عليه وسلم وصفه اللَّه بأعم الرحمة وأكملها، فقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [ (٣) ] ، فمن صدقه وآمن به فاز برحمته في الدارين، ومن لم يصدقه أمن في حياته مما عوقب به المكذبون للرسل من الأمم من الخسف والمسخ والقذف، [وأنقذ] [ (٤) ] اللَّه ببعثته من آمن من الضلال، وانتعشوا بالإيمان من الدمار، وأمنوا به من البوار، قال تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [ (٥) ] ، وقال: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً [ (٦) ] ، فكان صلّى اللَّه عليه وسلم رحمة مهداة. وقال تعالى عن عيسى. وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ [ (٧) ] وقد أوتي نبينا ما يجانس ذلك وأكثر منه وأفضل.

قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [ (٨) ] ، وقال تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ [ (٩) ] ، وقال: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [ (١٠) ] يعني القرآن شرف لك ولهم، وقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [ (١١) ] ، ويقول تعالى للأنبياء: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ [ (١٢) ] ، إلى غير ذلك من الآيات، وكان عيسى يخلق من الطين كهيئة الطير


[ (١) ] مريم: ١٧.
[ (٢) ] مريم: ٢١.
[ (٣) ] الأنبياء: ١٠٧.
[ (٤) ] زيادة للسياق والبيان.
[ (٥) ] آل عمران: ١٦٤.
[ (٦) ] الأحزاب: ٤٥.
[ (٧) ] آل عمران: ٤٨.
[ (٨) ] الحجر: ٨٧.
[ (٩) ] النحل: ٤٤.
[ (١٠) ] الزخرف: ٤٤.
[ (١١) ] سبأ: ٢٨.
[ (١٢) ] إبراهيم: ٤١.