للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا جمع القرآن الكريم فقد وقع ثلاث مرات

الأولى: عند ما أنزله اللَّه تعالى على رسوله صلّى اللَّه عليه وسلم فكان يمليه في كتّابه فيكتبون في العظام وغيرها، حتى اجتمعت سور القرآن وآياته.

والجمع الثاني: في خلافة أبي بكر رضي اللَّه عنه، جمعه من العظام وغيرها في صحف،

قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي، عن ابن عبد خير، قال: قال علي رضي اللَّه عنه يرحم اللَّه أبا بكر، هو أول من جمع من اللوحين.

حدثنا قبيصة، حدثنا ابن عيينة، عن مجالد، عن الشعبيّ، عن صعصعة قال: أول من جمع من اللوحين وورّث الكلالة [ (١) ] أبو بكر رضي اللَّه عنه.

والجمع الثالث: في خلافة عثمان رضي اللَّه عنه، نسخ الصحف المذكورة وما أجمع عليه الصحابة في مصحف، وجعله خمس نسخ: أقر مصحفا بالمدينة، وبعث مصحفا إلى مكة، ومصحفا إلى الكوفة، ومصحفا إلى البصرة، ومصحفا إلى الشام، وحرّق ما عدا ذلك. فأجمع الصحابة رضي اللَّه عنهم على أن ما في مصحف عثمان رضي اللَّه عنه هو كلام اللَّه الّذي نزل به جبريل عليه السلام من رب العالمين على محمد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وصار كل ما يخالف المصحف العثماني لا يعتد به.

قال ابن عائذ في كتاب (المغازي) : حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد اللَّه بن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير قال: لما أصيب المسلمون من المهاجرين


[ (١) ] الكلالة: الرجل لا والد له ولا ولد. وقيل: ما لم يكن من النسب لحما، وقيل: الورثة كلهم سوى الوالدين والأولاد، وقيل: من تكلل نسبه بنسبك كإبن العم وشبهه، وقيل: هي الإخوة لأمّ، وقيل:
هي من العصبة من ورث معه الإخوة للأمّ، وقيل: هم بنو العمّ الأباعد، وقال ابن عباس: هي اسم لما عدا الوالد.
وروي أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم سئل عن الكلالة فقال: «من مات وليس له ولد ولا والد» ،
فجعله اسم الميّت، وهو صحيح أيضا، فإن الكلالة مصدر يجمع الوارث والموروث جميعا، وقيل:
اسم لكل وارث. (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) : ٤/ ٣٧٣- ٣٧٤.