للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرقّ لها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا إليها متاعها فعلتم،

قالوا: نعم، فأطلقوا أبا العاص وردّوا القلادة إلى زينب. وأخذ النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم على أبي العاص أن يخلي سبيل زينب فوعده ذلك. وكان الّذي أسره عبد اللَّه بن جبير بن النعمان أخو خوّات بن جبير، وفكّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن السائب بن عبيد، وعبيد بن عمرو بن علقمة بغير فدية، وقد أسرهما سلمة بن أسلم بن حريش الأشهلي لأنه لا مال لهما، ولم يقدم لهما أحد.

[أسرى قريش وفداؤهم بتعليم الغلمان الكتابة]

وكان في الأسرى من يكتب، ولم يكن في الأنصار من يحسن الكتابة، وكان منهم من لا مال له، فيقبل منه أن يعلم عشرة من الغلمان الكتابة ويخلي سبيله.

فيومئذ تعلّم زيد بن ثابت الكتابة في جماعة من غلمان الأنصار. خرّج [ (١) ] الإمام أحمد من حديث عكرمة عن ابن عباس قال: كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول اللَّه [ (٢) ] صلّى اللَّه عليه وسلّم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة، قال: فجاء غلام يبكي إلى أبيه [ (٣) ] فقال ما شأنك؟ قال ضربني معلمي، قال: الخبيث!! يطلب بذحل [ (٤) ] بدر، واللَّه لا تأتيه أبدا. وقال عامر الشعبي:

كان فداء الأسرى [من] [ (٥) ] أهل بدر أربعين أوقية، فمن لم يكن عنده علم عشرة من المسلمين، فكان زيد بن ثابت [ممن] [ (٥) ] علّم.

[عدة من استشهد يوم بدر]

واستشهد يوم بدر من المسلمين أربعة عشر: ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون، وقيل: أربعة وسبعون أحصي


[ () ] القلادة كانت خديجة بنت خويلد أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى بها، فلما رأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم القلادة عرفها ورقّ لها، وذكر خديجة ورحم عليها.
[ (١) ] (المسند) ج ١ ص ٢٤٧.
[ (٢) ] في (خ) «النبي» ، وهذا نصّ المسند.
[ (٣) ] في (خ) «قال» .
[ (٤) ] في (خ) «يدخل» ، والذحل: الثأر أو العداوة والحقد (المعجم الوسيط) ج ١ ص ٣٠٩.
[ (٥) ] زيادة للسياق.