للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصف من شوال بعد بدر ببضع وعشرين يوما، وهم سبعمائة مقاتل: منهم ثلاثمائة متدرّعون بدروع الحديد، ولم يكن لهم حصون ولا معاقل، وإنما كانوا تجارا وصاغة، وهم حلفاء لعبد اللَّه بن أبيّ بن سلول، وكانوا أشجع يهود فكانوا أول من غدر من اليهود، فحاصرهم خمس عشرة ليلة حتى نزلوا على حكم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فأمر بهم فربطوا، واستعمل على رباطهم وكتافهم المنذر بن قدامة السّلمي من بني غنم بن السّلم بن مالك بن الأوس، ثم خلّى عنهم بشفاعة عبد اللَّه بن أبي بن سلول، وأمرهم أن يجلوا من المدينة، فأجلاهم محمد بن مسلمة الأنصاريّ، وقيل: عبادة بن الصامت، وقبض أموالهم، وأخذ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من سلاحهم ثلاث قسيّ [ (١) ] وهي الكتوم والروحاء والبيضاء، وأخذ درعين: الصّغديّة وفضة، وثلاثة أسياف وثلاثة أرماح. ووجدوا في منازلهم سلاحا كثيرا وآلة الصياغة، وخمّس [ (٢) ] ما أصاب منهم، وقسم ما بقي على أصحابه. وخرجوا بعد ثلاث فلحقوا بأذرعات [ (٣) ] بنسائهم وذراريهم، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى هلكوا، وقال الحاكم: هذه وبني النضير واحدة وربما اشتبها على من [ (٤) ] لا يتأمل.

واستخلف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في غزوة بني قينقاع على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه، وكان أبيض، ولم تكن الرايات يومئذ.

غزوة السّويق

ثم كانت غزوة السّويق، خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم الأحد الخامس من ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرا في مائتين من المهاجرين والأنصار، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر، فغاب [ (٥) ] خمسة أيام. وذلك أن المشركين لما رجعوا إلى مكة من بدر حرّم أبو سفيان صخر بن حرب الدّهن حتى يثأر من محمد وأصحابه بمن أصيب من قومه، فخرج في مائتي راكب، وقيل: في أربعين راكبا، فجاءوا بني النضير- في طرف المدينة- ليلا، ودخلوا على سلّام بن مشكم فسقى


[ (١) ] جمع قوس.
[ (٢) ] أخذ خمس الغنيمة.
[ (٣) ] أذرعات: بلد في أطراف الشام يجاور أرض البلقاء وعمان (معجم البلدان) ج ١ ص ١٣٠.
[ (٤) ] في (خ) «اشتبها ولا يتأمل» .
[ (٥) ] في (خ) «ففات» .