للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أحسن من مسلم أو كافر وقع أجره على اللَّه في عاجل دنياه أو آجل آخرته، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا صبيا أو امرأة أو مريضا أو عبدا مملوكا، ومن استغنى عنها [ (١) ] استغنى اللَّه عنه، واللَّه غني حميد.

ما أعلم من عمل يقربكم إلى اللَّه إلا وقد أمرتكم به، ولا أعلم من عمل يقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه، وإنه قد نفث في روعي الروح الأمين أنه لن تموت نفس حتى تستوفي أقصى رزقها، لا ينقص منه شيء وإن أبطأ عنها، فاتقوا اللَّه ربكم، وأجملوا في طلب الرزق، ولا يحملنكم استبطاؤه أن تطلبوه بمعصية ربكم، فإنه لا يقدر ما عنده إلا بطاعته. قد بين لكم الحلال والحرام، غير أن بينهما شبها [ (٢) ] من الأمر لا يعلمها كثير من الناس إلا من عصم اللَّه، فمن تركها حفظ عرضه ودينه، ومن وقع فيها كان كالراعي إلى جنب الحمى أو شك أن يقع فيه، وليس ملك إلا وله حمى، ألا وإن حمى اللَّه محارمه. والمؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد إذا اشتكى [ (٣) ] تداعى إليه سائر الجسد [ (٤) ] ، والسلام عليكم.

[أول من أنشب الحرب]

وأول من أنشب الحرب أبو عامر. طلع في خمسين من قومه مع عبيد قريش فنادى: يا للأوس، أنا أبو عامر، فقالوا: لا مرحبا بك ولا أهلا يا فاسق! فقال:

لقد أصاب قومي بعدي شر! فتراموا بالحجارة ساعة حتى ولّى. ودعا طلحة ابن أبي طلحة إلى البراز فبرز له علي رضي اللَّه عنه فقتله، فكبر المسلمون وسرّ النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بقتله: فإنه هو كبش الكتيبة.

[نساء المشركين وغناؤهم]

وكانت نساء المشركين- قبل التقاء الجمعين- أمام صفوفهم يضربن بالأكبار والدّفاف والغرابيل، ثم يرجعن فيكن في مؤخر الصف، فإذا دنا القوم بعضهم من بعض تأخر النساء وقمن خلف الصفوف: فجعلن كلما ولّى رجل حرضنه وذكرنه


[ (١) ] في (خ) «استغنى عن اللَّه» وما أثبتناه من (المغازي) ج ١ ص ٢٢٢.
[ (٢) ] في (خ) «شبهات» وما أثبتناه من (المغازي) ج ١ ص ٢٢٢.
[ (٣) ] في (خ) «إذا اشتكى» مكررة.
[ (٤) ] في (ط) «جسده» . وما أثبتناه من (المغازي) ج ١ ص ٢٢٢.