للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في ذكر أبناء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

اعلم أنه كان لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ثلاثة بنين: القاسم، وعبد اللَّه، وإبراهيم، وفي رواية مدارها على داود بن المحبر- صاحب كتاب (العقل) - أن عائشة رضي اللَّه عنها جاءت بسقط فسماه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: عبد اللَّه، وكناها به، وفيه نظر.

فالقاسم أمه خديجة بنت خويلد، وهو أكبر ولده، وبه يكنّى، وقد مشى وهو ابن سنتين، وعبد اللَّه أيضا أمّه خديجة، ويقال له الطيب والطاهر، ولد بعد النبوّة، ومات صغيرا بمكة، فقال العاص بن وائل: محمد أبتر لا يعيش له ذكر، فأنزل اللَّه تعالى فيه: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [ (١) ] .

وروى جعفر بن محمد الصادق عن أبيه قال: توفي القاسم ابن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بمكة فمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو ابن العاص، فقال عمرو حين رأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إني لأشنؤه، فقال العاص:

لا جرم لقد أصبح [أبترا] ، وأنزل اللَّه تعالى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [ (١) ] .


[ (١) ] الكوثر: ٣، شانِئَكَ أي مبغضك يا محمد، ومبغض ما جاءت به من الهدى والحق، والبرهان الساطع، والنور المبين، هُوَ الْأَبْتَرُ الأقل الأذل، المنقطع ذكره.
قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة: نزلت في العاص بن وائل، إذا ذكر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: دعوه، فإنه رجل أبتر، لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره، فأنزل اللَّه تعالى هذه السورة.
وقال شمر بن عطية: نزلت في عقبة بن أبي معيط، وقال ابن عباس وعكرمة: نزلت في كعب ابن الأشرف، وجماعة من كفار قريش.
وقال البزار: حدثنا زيادة بن يحيى الحساني، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: قدم كعب بن الأشرف مكة، فقالت له قريش: أنت سيدهم، ألا ترى إلى هذا الصنبر المنبتر من قومه؟ يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة، وأهل السقاية، فقال:
أنتم خير منه.
قال: فزلت: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ، وهكذا رواه البزار، وهو إسناد صحيح، وعن عطاء قال: نزلت في أبي لهب، وذلك حين مات ابن لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فذهب أبو لهب إلى المشركين، فقال: بتر محمد الليلة، فأنزل اللَّه في ذلك: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
وعن ابن عباس: نزلت في أبي جهل، وعنه إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ، يعني عدوك، وهذا يعم جميع من اتصف بذلك ممن ذكر وغيرهم. وقال عكرمة: الأبتر هو الفرد.