للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خبر معاوية بن المغيرة وكان هو الّذي مثّل بحمزة

وكان معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قد انهزم ومضى على وجهه ونام قريبا من المدينة، فلما أصبح دخلها، وأتى عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، فلما رآه قال:

ويحك أهلكتني وأهلكت نفسك، وأدخله بيته. ثم سأل فيه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فأجله ثلاثا فإن وجد بعدهن قتل. فجهزه عثمان. وخرج بعد ثلاث فأدركه زيد بن حارثة وعمار بن ياسر بالجماء [ (١) ] فرمياه حتى قتلاه، وكان هو الّذي مثّل بحمزة رضي اللَّه عنه.

[غزوة حمراء الأسد]

ثم كانت غزوة حمراء الأسد [ (٢) ] يوم الأحد صبيحة أحد. وذلك أن عبد اللَّه ابن عمرو بن عوف المزني [ (٣) ] أو في باب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة الأحد، وبلال على الباب بعد ما أذّن وهو ينتظر خروج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فلما خرج أخبره المزني أنه أقبل من أهله حتى كان بملل إذا قريش قد نزلوا، فسمع أبا سفيان وأصحابه يشتورون [ (٤) ] ليرجعوا حتى يستأصلوا من بقي، وصفوان يأبى ذلك عليهم. فدعا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أبا بكر وعمر رضي اللَّه عنهما وذكر لهما ذلك، فقالا: أطلب العدو يا رسول اللَّه، ولا يقتحمون على الذرية، فلما صلى الصبح يوم الأحد- ومعه وجوه الأوس والخزرج، وقد باتوا في المسجد على بابه- أمر بلالا فنادى: إن رسول اللَّه يأمركم بطلب عدوكم، ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس.

[خروج جرحى أحد للغزو]

فخرج سعد بن معاذ إلى داره يأمر قومه بالمسير وكلها جريح فقال: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يأمركم أن تطلبوا عدوكم. فقال أسيد بن حضير- وبه سبع جراحات


[ (١) ] الجماء: جبل بالمدينة، على ثلاثة أميال من ناحية العقيق إلى الجرف.
[ (٢) ] حمراء الأسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة، إليه انتهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم أحد في طلب المشركين.
(معجم البلدان) ج ٢ ص ٣٠١.
[ (٣) ] هذه رواية (الواقدي) في (المغازي) ج ٢ ص ٣٣٤ وقد ذكر (ابن هشام) ج ٣ ص ٤٤، و (الكامل) ج ٢ ص ١٦٤ و (الطبري) ج ٢ ص ٥٣٤، ذكروا خلاف ذلك في أمر بدء هذه الغزوة.
[ (٤) ] هذه اللفظة عامية، وقد أكثر (المقريزي) من استعمالها.