للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خبر جهجاه وسنان على الماء]

وبينا المسلمون على ماء المريسيع إذ أقبل سنان بن وبر الجهنيّ- وقيل: هو سنان بن تيم اللَّه، وهو من جهينة بن سود بن أسلم- حليف الأنصار- ومعه فتيان من بني سالم يستقون. [وعلى] [ (١) ] الماء جمع من المهاجرين والأنصار. فأدلى دلوه، وأدلى جهجاه بن مسعود بن سعد بن حرام الغفاريّ- أجير عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه- دلوه.

[تنازعهما واختلاف المهاجرين والأنصار]

فالتبست دلو سنان ودلو جهجاه وتنازعا، فضرب جهجاه سنانا فسال الدم، فنادى: يا للخزرج! وثارت الرجال، فهرب جهجاه وجعل ينادى في العسكر:

يا لقريش! يا لكنانة! فأقبلت قريش وأقبلت الأوس والخزرج، وشهروا السلاح حتى كادت تكون فتنة عظيمة، فقام رجال في الصلح فترك سنان حقه.

تحريض عبد اللَّه بن أبيّ وما كان من مقالته في ذلك

وكان عبد اللَّه بن أبيّ جالسا في عشرة من المنافقين فغضب وقال: واللَّه ما رأيت كاليوم مذلة! واللَّه إن كنت لكارها لوجهي هذا، ولكن قد غلبوني. قد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلدنا، وأنكروا منتنا، واللَّه ما صرنا وجلابيب [ (٢) ] قريش هذه إلا كما قال القائل: «سمّن كلبك يأكلك» ، واللَّه لقد ظننت أني سأموت قبل أن أسمع هاتفا يهتف بما هتف به جهجاه وأنا حاضر لا يكون لذلك مني غير [ (٣) ] ، واللَّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ. ثم أقبل على من حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم! أحللتموهم بلادكم، ونزلوا منازلكم، وآسيتموهم [ (٤) ] في أموالكم حتى استغنوا. أما واللَّه لو أمسكتم [عنهم ما] [ (٥) ] بأيديكم لتحولوا [ (٦) ] إلى غير بلادكم، ثم لم ترضوا ما فعلتم حتى جعلتم


[ (١) ] زيادة للسياق.
[ (٢) ] كان يحلو للمنافقين تسمية المهاجرين بجلابيب قريش كناية عن فقرهم.
[ (٣) ] في (خ) «لا يكون ذلك متى غير» ، يريد لا يكون متى لهذا العدوان دفع أو تغيير أو قصاص.
[ (٤) ] من المساواة.
[ (٥) ] زيادة للبيان.
[ (٦) ] في (خ) «لعلوا» .