للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنفسكم- أغراضا [ (١) ] للمنايا فقتلتم دونهم [ (١) ] ، فأيتمتم أولادكم وقللتم وكثروا.

إبلاغ زيد بن أرقم رسول اللَّه مقالة عبد اللَّه بن أبيّ

وكان زيد بن أرقم حاضرا- وهو غلام لم يبلغ أو قد بلغ- فحدّث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بذلك، وعنده نفر من المهاجرين والأنصار، فتغير وجهه ثم قال:

يا غلام، لعلك غضبت عليه؟ قال: لا واللَّه، لقد سمعت منه. قال: لعله أخطأ سمعك! قال: لا يا نبي اللَّه. قال: فلعله شبه عليك؟ قال: لا واللَّه لقد سمعت منه يا رسول اللَّه.

وشاع في العسكر ما قاله ابن أبيّ، حتى ما كان للناس حديث إلا هو. وأنّب جماعة من الأنصار زيد بن أرقم، فقال- في جملة كلام-: وإني لأرجو أن ينزل اللَّه على نبيه، حتى تعلموا أني كاذب أم غيري. وقال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: يا رسول اللَّه! مر عباد بن بشر فليأتك برأسه. فكره ذلك

وقال: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.

وبلغ الخبر ابن أبيّ، فحلف باللَّه ما قال من ذلك شيئا، ثم مشى [ (٢) ] إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وحلف باللَّه ما قال.

رحيل رسول اللَّه بعد مقالة المنافقين

وأسرع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عند ذلك السير، ورحل في ساعة لم يكن يرتحل فيها.

فأقبل عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه حتى جاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو في فيء شجرة عنده غليم أسيود يغمز ظهره [ (٣) ] فقال: يا رسول اللَّه! كأنك تشتكي ظهرك! فقال: تقحّمت بي الناقة [ (٤) ] الليلة. فقال عمر: يا رسول اللَّه، ائذن لي أن أضرب عنق ابن أبيّ في مقالته. فقال: لا يتحدث الناس أن محمدا قتل أصحابه.

طلوع رسول اللَّه على العسكر ومقالة سعد بن عبادة

ويقال: لم يشعر أهل العسكر إلا برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد طلع على راحلته وكانوا في حر شديد، وكان لا يروح حتى يبرد، إلا أنه لما جاءه ابن أبيّ رحل في تلك


[ (١) ] في (خ) «أعراضا» ، «دونه» .
[ (٢) ] في (خ) «مشى مشى» مكررة.
[ (٣) ] الغمز باليد: النخس، وبالعين والجفن والحاجب: الإشارة، وبالرجل: السعي بالشر، والغمازة:
الجارية الحسنة الغمز للأعضاء (ترتيب القاموس) ج ٣ ص ٤١٧.
[ (٤) ] تقحمت الدابة براكبها: شردت به، وربما طوّحت به في وهده (المعجم الوسيط) ج ٢ ص ٧١٧.