للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضها، وخبزوا الشعير، ثم أتى جابر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللَّه! قد صنعت لك طعاما، فأت أنت ومن أحببت من أصحابك.

فشبّك صلّى اللَّه عليه وسلّم أصابعه بين أصابع جابر ثم قال: أجيبوا جابرا يدعوكم. فأقبلوا معه، فقال جابر في نفسه: واللَّه إنها الفضيحة!.

وأتى المرأة فأخبرها فقالت: أنت دعوتهم أو هو؟ فقال: بل هو دعاهم! قالت: دعهم فهو أعلم. وأقبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأمر أصحابه، وكانوا فرقا: عشرة عشرة. ثم قال لجابر: اغرفوا وغطوا البرمة، وأخرجوا من التنور الخبز ثم غطوه.

ففعلوا وجعلوا يغرفون ويغطون البرمة ثم يفتحونها فما يرونها [ (١) ] نقصت شيئا، ويخرجون الخبز من التنور ويغطونه فما يرونه ينقص شيئا، فأكلوا حتى شبعوا، وأكل جابر وأهله [ (٢) ] .

[عرض الغلمان وإجازتهم]

وعرض رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الغلمان وهو يحفر الخندق، فأجاز من أجاز وردّ من ردّ.

فكان ممن أجاز: [عبد اللَّه] [ (٢) ] بن عمر [بن الخطاب] [ (٣) ] ، وزيد بن ثابت، والبراء ابن عازب، وما منهم إلا ابن خمس عشرة سنة. وكان الغلمان الذين لم يبلغوا يعملون معه ثم أمرهم [ (٤) ] فرجعوا إلى أهليهم.

[عدة المسلمين يوم الخندق]

وكان المسلمون يومئذ ثلاثة آلاف، وزعم ابن إسحاق أنه إنما كان في سبعمائة، وهذا غلط. وقال ابن حزم: وخرج رسول اللَّه- يعني في الخندق- في ثلاثة آلاف، وقد قيل: في تسعمائة فقط، وهو الصحيح الّذي لا شك فيه، والأول وهم [ (٥) ] .

اجتهاد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في العمل يوم الخندق

ومن شدة اجتهاده صلّى اللَّه عليه وسلّم في العمل: كان يضرب مرة بالمعول ومرة بالمسحاة يغرف بها التراب، ومرة يحمل التراب في المكتل، وبلغ يوما منه التعب مبلغا فجلس، ثم اتكأ


[ (١) ] في (خ) «يروها» .
[ (٢) ] راجع (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) ج ٨ ص ٣٠٢ باب معجزته صلّى اللَّه عليه وسلّم في الطعام وبركته فيه.
[ (٣) ] زيادة للإيضاح.
[ (٤) ] في (خ) «أمر بهم» .
[ (٥) ] يقول ابن القيم في (زاد المعاد) ج ٣ ص ٢٧١: «وخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في ثلاثة آلاف من المسلمين، فتحصن بالجبل من خلفه، وبالخندق أمامهم» وقال ذلك أيضا (الطبري) ج ٢ ص ٥٧٠.