للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا الإسراء برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته آيات ربه الكبرى

فإنه ثابت بكتاب اللَّه العزيز، الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبسنة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الثابتة، المستفيضة عنه بالنقل، من حديث عبد اللَّه بن مسعود، وأبى ذر، وحذيفة، وعبد اللَّه بن عباس، وأبى هريرة، وأبى سعيد الخدريّ، ومالك بن صعصعة، وأبى بن كعب وأنس بن مالك، وشداد بن أوس، وأبى ليلى الأنصاري، وعبد الرحمن بن قرظ، وأم هاني بنت أبى طالب، رضى اللَّه عنهم، حتى صار في الثبوت مصير التواتر.

قال اللَّه جلّ وعزّ سبحانه: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [ (١) ] .

اعلم ان التسبيح هو التنزيه، والتنزيه والتبعيد مأخوذ من قولهم: سبح الرجل في الأرض إذا ذهب فيها، ومنه قيل للفرس إذا كان جيد الركض:

سابح، ومنه السبح في الماء، فقولك: سبحت اللَّه، أي نزّهته وبرأته مما لا يليق بجلاله، وأصل المعنى والاشتقاق، باعدته مما لا يليق به، أي جعلته بمعزل منها، متباعدا تباعد المنزلة والرتبة [ (٢) ] .


[ (١) ] الإسراء: ١.
[ (٢) ] قال ابن الفرج: سمعت أبا الجهم الجعفري يقول: سبحت في الأرض وسبخت فيها إذا تباعدت فيها، ومنه قوله تعالى: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ أي يجرون، ولم يقل: تسبح، لأنه وصفها بفعل من يعقل.
وكذلك قوله: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً هي النجوم تسبح في الفلك، أي تذهب فيها بسطا، كما يسبح السابح في الماء سبحا، وكذلك السابح في الماء سبحا، وكذلك السابح من الخيل يمد يديه في