للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تاريخ الغزوة]

وكانت غزاة ابن عيينة ليلة الأربعاء لثلاث خلون من ربيع الأول سنة ست.

فخرج صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم الأربعاء، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وأقام بذي قرد يوما وليلة. وقسم في كل مائة من أصحابه جزورا ينحرونها، وكانوا خمسمائة، ويقال: كانوا سبعمائة.

[حراسة المدينة وإمداد سعد بن عبادة المسلمين]

وأقام سعد بن عبادة- في ثلاثمائة من قومه- يحرسون المدينة خمس ليال حتى رجع صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة الاثنين. وأمدّ المسلمين سعد بن عبادة رضي اللَّه عنه بأحمال تمر، وبعشر جزائر بذي قرد: وبعث بذلك مع ابنه قيس بن سعد،

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: يا قيس! بعثك أبوك فارسا، وقرى المجاهدين، وحرس المدينة من العدو! اللَّهمّ ارحم سعدا وآل سعد! ثم قال: نعم المرء سعد بن عبادة! فقالت الأنصار:

يا رسول اللَّه، هو بيننا وسيدنا وابن سيدنا. كانوا يطعمون في المحل [ (١) ] ، ويحملون الكل [ (٢) ] ، ويقرون الضيف، ويعطون في النائبة، ويحملون عن العشيرة [ (٣) ] . فقال:

خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا في الدين.

[الرجوع إلى المدينة وخبر امرأة أبي ذر]

ورجع صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى المدينة ليلة الاثنين وقد غاب عنها خمس ليال.

فأقبلت امرأة أبي ذر على ناقته القصواء. - وكانت في السرح- فدخلت عليه فأخبرته من أخبار الناس، ثم قالت: يا رسول اللَّه! إني نذرت إن نجاني اللَّه عليها أن أنحرها فآكل من كبدها وسنامها! فتبسم وقال: بئس ما جزيتها! أن حملك اللَّه عليها ونجاك [بها] [ (٤) ] ثم تنحرينها! إنه لا نذر في معصية اللَّه ولا فيما لا تملكين، إنما هي ناقة من إبلي، فارجعي إلى أهلك على بركة اللَّه.


[ (١) ] المحل: محل المكان: أجدب (المعجم الوسيط) ج ٢ ص ٧٥٦.
[ (٢) ] الكلّ: الفقير المعدم.
[ (٣) ] من الحمالة: وهي الدية والغرامة.
[ (٤) ] زيادة من ابن هشام ج ٣ ص ١٧٩، وفي (خ) (والمغازي) بدونها.