للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعثة قريش إلى عبد اللَّه بن أبيّ

وبعثت قريش إلى عبد اللَّه بن أبي بن سلول: إن أحببت أن تدخل فتطوف بالبيت فافعل، فقال له ابنه: يا أبت! أذكرك اللَّه أن تفضحنا في كل موطن! تطوف ولم يطف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم! فأبى حينئذ وقال: لا أطوف حتى يطوف رسول اللَّه. فبلغ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كلامه، فسرّ به.

رجوع سهيل إلى قريش وعودتهم إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

ورجع سهيل وحويطب ومكرز فأخبروا قريشا بما رأوا من سرعة المسلمين إلى التنعيم [ (١) ] فأشار أهل الرأي بالصلح على أن يرجع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ويعود من قابل فيقيم ثلاثا، فلما أجمعوا على ذلك أعادوا سهيلا وصاحبيه ليقروا هذا. فلما رآه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: أراد القوم الصلح. وكلم رسول اللَّه، فأطالا الكلام وتراجعا، وارتفعت الأصوات، وكان صلّى اللَّه عليه وسلّم يومئذ جالسا متربعا، وعباد بن بشر، وسلمة ابن أسلم بن حريش مقنّعان بالحديد قائمان على رأسه. فلما رفع سهيل صوته قالا:

اخفض صوتك عند رسول اللَّه! وسهيل بارك على ركبتيه [ (٢) ] ، رافع صوته، والمسلمون عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم جلوس.

[خبر الصلح وغضب عمر بن الخطاب]

فلما اصطلحوا ولم يبق إلا الكتاب،

وثب عمر رضي اللَّه عنه فقال: يا رسول اللَّه! ألسنا بالمسلمين؟ قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: بلى! فقال: فعلام [ (٣) ] نعطي الدنية في ديننا؟ فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أنا عبد اللَّه ورسوله ولن أخالف أمره، ولن يضيعني.

فذهب عمر إلى أبي بكر رضي اللَّه عنهما فقال: يا أبا بكر! ألسنا بالمسلمين؟ قال: بلى! قال: فلم نعطي الدنية في ديننا؟ فقال: الزم غرزه [ (٤) ] ! فإنّي أشهد أنه رسول اللَّه، وأن الحق ما أمر به، ولن يخالف أمر اللَّه، ولن يضيعه اللَّه.

ولقي عمر رضي اللَّه عنه من القضية أمرا كبيرا، وجعل يردّد على رسول


[ (١) ] التنعيم: موضع بمكة في الحل، وهو بين مكة وسرف (معجم البلدان) ج ٢ ص ٤٩.
[ (٢) ] في (خ) «ركبته» .
[ (٣) ] في (خ) «فعلى ما» .
[ (٤) ] كناية عن لزوم الاتباع وعدم المخالفة.