للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقتل محمود بن مسلمة]

قال الواقدي: وجلس محمود بن مسلمة الأنصاري تحت حصن ناعم يتبع فيئة [ (١) ] ، وقد قاتل يومئذ، وكان يوما صائفا [ (٢) ] ، فدلّى عليه مرحب [اليهودي] [ (٣) ] رحى فهشمت البيضة، وسقطت جلدة جبينه على وجهه، وندرت عينه [ (٤) ] ، فأتى به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فرد الجلدة كما كانت، وعصبها بثوب، وتحوّل إلى الرجيع خشية على أصحابه من البيات. فكان مقامه بالرجيع سبعة أيام، يغدو كل يوم للقتال، ويستخلف على العسكر عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه ويقاتل أهل النطاة يومه [ (٥) ] ، فإذا أمسى رجع إلى الرجيع، ومن جرح يحمل إلى العسكر ليداوى. فجرح أول يوم خمسون من المسلمين.

[اليهودي المستأمن]

ونادى يهودي من أهل النطاة بعد ليل: أنا آمن وأبلغكم؟ فقالوا: نعم! فدخل على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فدله على عورة يهود. فدعا أصحابه وحضّهم على الجهاد.

فغدوا عليهم، فظفرهم اللَّه بهم، فلم يك في النطاة شيء من الذرية، فلما انتهوا إلى الشق وجدوا فيه ذرية، فدفع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى اليهودي زوجته.

[حراسة المسلمين وفتح النطاة]

وكانت الحراسة نوبا بين المسلمين، حتى فتح اللَّه حصن النطاة، فوجد فيها منجنيق، فنصب على حصن النزار [ (٦) ] ، ففتحه اللَّه، ونازل المسلمون حصن ناعم في النطاة، فنهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن القتال حتى يأذن لهم. فعمد رجل من أشجع فحمل على يهود فقتله مرحب،

فنادى منادي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: لا تحل الجنة لعاص.

ثم أمر الناس بالقتال. وكان ليهود عبد حبشي اسمه يسار، في ملك عامر اليهودي، يرعى له غنما، فأقبل بالغنم حتى أسلم، ورد الغنم لصاحبها، وقاتل حتى قتل شهيدا.


[ (١) ] في (خ) «فئة» والفيء: الظل.
[ (٢) ] الصائف: شديد الحر.
[ (٣) ] زيادة للإيضاح.
[ (٤) ] ندر الشيء ندورا: سقط من جوف شيء، أو من بين أشياء تظهر (ترتيب القاموس) ج ٤ ص ٣٤٧.
[ (٥) ] في (خ) «قومه» .
[ (٦) ] في (خ) «البراز» .