للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الألوية، وأول راية في الإسلام]

وفرق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الرايات، ولم تكن راية قبل خيبر، إنما كانت الألوية، فكانت راية النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم سوداء تدعى العقاب: من برد لعائشة رضي اللَّه عنها، ولواؤه أبيض، ورفع راية إلى علي، وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سعد ابن عبادة رضي اللَّه عنهم.

[مدد عيينة بن حصن ليهود]

وكان عيينة بن حصن قد أقبل مددا ليهود بغطفان في أربعة آلاف، فأرسل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إليه أن يرجع وله نصف ثمر خيبر، فأبى أن يتخلى عن حلفائه، فبعث اللَّه على غطفان الرعب، فخرجوا على الصعب والذلول [ (١) ] ، فذل عند ذلك عدو اللَّه كنانة بن أبي الحقيق، وأيقن بالهلكة.

[حصن ناعم ورجوع المسلمين]

وجثم [ (٢) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على الحصون، وألحّ على حصن ناعم بالرمي، ويهود تقاتل. ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على فرس يقال له الظرب، وعليه درعان ومغفر وبيضة، وفي يده قناة وترس. وقد دفع لواءه إلى رجل من المهاجرين فرجع ولم يصنع شيئا. فحث صلّى اللَّه عليه وسلّم المسلمين على الجهاد، وسالت كتائب يهود: أمامهم الحارث أبو زينب يهذ [ (٣) ] الناس هذا. فساقهم صاحب راية الأنصار حتى انتهوا إلى الحصن فدخلوه، وخرج أسير يقدم يهود، فكشف الأنصار حتى انتهى إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في موقفه، فاشتد ذلك على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأمسى مهموما [ (٤) ] .

[وخرج مع ذلك سعد بن عبادة] ،

فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: لأعطين الراية غدا رجلا يحبه اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه على يديه ليس بفرّار، أبشر يا محمد بن مسلمة! غدا- إن شاء اللَّه تعالى- يقتل قاتل أخيك، وتولّي عادية يهود.


[ (١) ] كناية عن شدة الرعب.
[ (٢) ] جثم: لزم مكانه.
[ (٣) ] في (خ) «بهذا» ، والهذّ: الإسراع.
[ (٤) ] في (الواقدي) ج ٢ ص ٦٥٣ بعد قوله «مهموما» «وقد كان سعد بن عبادة رجع مجروحا» فيستقيم بذلك السياق إذا قيل بعدها عبارة: [وخرج مع ذلك سعد بن عبادة] .