للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تعليق الأقناء [ (١) ] في المسجد

فقال أبو عبد اللَّه محمد بن الحسن بن أبى الحسين بن زبالة: وحدثني عبد العزيز بن محمد عن إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: إن ناسا كانوا يقدمون على النبي صلى اللَّه عليه وسلّم لا شيء لهم، فقالت الأنصار: يا رسول اللَّه، لو عجلناك قنوا في كل حائط من هؤلاء، قال: أجل فافعلوا، ففعلوا،

فجرى ذلك إلى اليوم، فهي الأقناء التي تعلق بالمسجد التي عند جداد النخل، فتعطاها المساكين، وكان عليها على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم معاذ بن جبل رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.

وفي رواية أن محمد بن مسلمة رأى [أضيافا] عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم في المسجد، فقال: ألا تعرف [هذه] الأضياف في دور الأنصار، ونجعل لك من كل حائط قنوا ليكون لمن يأتيك من هؤلاء الأقوام. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: بلى،

فجعل الرجل كلما جاء ماله جاء بقنو فجعله في المسجد بين ساريتين، فجعل الناس يفعلون ذلك، وكان معاذ بن جبل رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه يقوم عليه، وكان يجعل حبلا بين الساريتين، ثم يعلق الأقناء على الحبل، ويجمع العشرين أو أكثر فيضع عليهم بعضا من الأقناء فيأكلون حتى يشبعوا، ثم ينصرفون، ويأتى غيرهم، فيفعل لهم مثل ذلك، فإذا كان الليل فعل لهم مثل ذلك [ (٢) ] .


[ (١) ] القنو: العذق بما فيه من الرطب، وجمعه أقناء، وقد تكرر في الحديث. (لسان العرب) : ١٥/ ٢٠٤.
[ (٢) ] (فتح الباري) : ١/ ٦٧٨، كتاب الصلاة، باب (٤٢) القسمة وتعليق القنو في المسجد. قال أبو عبد اللَّه: القنو: العذق، والاثنان قنوان والجماعة أيضا قنوان. مثل صنو وصنوان.
وأشار الحافظ في (الفتح) إلى ما رواه النسائي من حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: خرج رسول اللَّه وبيده عصا، وقد علق رجل قنا حشف، فجعل يطعن ذلك القنو ويقول: لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب من هذا.