للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التاسعة عشرة: الصلاة على الغائب]

قال ابن عبد البر: وأكثر أهل العلم يقولون: إن هذا خصوص النبي صلى اللَّه عليه وسلّم وقد أجاز بعضهم الصلاة على الغائب إذا بلغه الخبر بقرب موته [ (١) ] ، ودلائل الخصوص في هذه المسألة واضحة، لا يجوز أن يشرك النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فيها غيره، لأنه- واللَّه تعالى أعلم- أحضر روح النجاشي بين [يديه] حيث شاهدها، وصلى عليها أو رفعت له جنازته، كما كشف له عن بيت المقدس، حين سألته قريش عن صفته.

وقد روى أن جبريل عليه السلام: أتاه بروح جعفر أو جنازته، وقال:

قم فصل عليه، ومثل هذا كله يدل على أنه مخصوص به، ولا يشاركه فيه غيره.


[ (١) ]
(فتح الباري) : ٣/ ٢٦٣- ٢٦٤، كتاب الجنائز، باب (٦٦) الصلاة على القبر بعد ما يدفن، حديث رقم (١٣٣٦) ، (١٣٣٧) : وفيهما: «فأتى قبره فصلى عليه» وزاد ابن حبان في رواية حماد بن سلمة، عن ثابت: «ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن اللَّه ينورها عليهم بصلاتي» ،
وأشار إلى أن بعض المخالفين احتج بهذه الزيادة على أن ذلك من خصائصه. ثم ساق من طريق خارجة بن زيد بن ثابت نحو هذه القصة وفيها «ثم أتى فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا» قال ابن حبان: في ترك إنكاره صلى اللَّه عليه وسلّم على من صلى معه على القبر بيان جواز ذلك لغيره، أنه ليس من خصائصه.
وتعقب بأن الّذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلا للاصالة، واستدل بخبر الباب على رد التفصيل بين من صلى عليه فلا يصلى عليه بأن القصة وردت فيمن صلى عليه.
وأجيب بأن الخصوصية تنسحب على ذلك، واختلف من قال بشرع الصلاة لمن لم يصل فقيل: يؤخر دفنه ليصلي عليها من كان لم يصل، وقيل: يبادر بدفنها ويصلى الّذي فاتته على القبر، وكذا اختلف في أمد ذلك: فعند بعضهم إلى شهر، وقيل: ما لم يبل الجسد، وقيل:
يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه حين موته وهو الراجح عند الشافعية، وقيل: يجوز أبدا.