للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السادسة: هل كان يجب عليه صلى اللَّه عليه وسلّم أن يقسم بين نسائه رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهنّ؟

على وجهين:

أحدهما: لا يجب عليه. وقال أبو سعيد الاصطخرى، والماوردي، وطائفه، وصححه الغزالي في (الخلاصة) ، وعليه القسم في الوجهين.

والثاني: أنه يجب، وصححه الشيخ أبو حامد، والعراقيون، وتابعهم البغوي، وهو في ظاهر نصه في (الأم) .

ومأخذ الخلاف في هذه المسائل وأخواتها، أن الزوجات في حقه صلى اللَّه عليه وسلّم كالسرارى في حق غيره، أو كالزوجات، وفيه وجهان: فإن جعلناهن كالسرارى لم يشترط الولي ولا الشهود، وانعقد نكاحه في الإحرام، وبلفظ الهبة، ولم ينحصر عدد منكوحاته ولا طلاقه، ولا يجب عليه القسم، وإن جعلناهن كالزوجات انعكس الحكم.

واحتج من لم ير القسم واجبا، وإنما كان يتطوع به، لأن في وجوبه عليه صلى اللَّه عليه وسلّم شغلا عن لوازم الرسالة، ولقوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ [ (١) ] ... الآية، أي تبعد من تشاء فلا تقسم لها، وتقرب من تشاء وتقسم لها.

ولما خرجه مسلم [ (٢) ] من حديث شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم كان يطوف على نسائه في غسل واحد.


[ (١) ] الأحزاب: ٥١.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ٣/ ٢٢٤، كتاب الحيض، باب (٦) جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له وغسل الفرج إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أو يجامع، حديث رقم (٢٨) ، قال الإمام النووي: وأما طوافه صلى اللَّه عليه وسلّم على نسائه بغسل واحد فيحتمل أنه صلى اللَّه عليه وسلّم كان يتوضأ بينهما أو يكون المراد بيان جواز ترك الوضوء
وقد جاء في (سنن أبى داود) أنه صلى اللَّه عليه وسلّم طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه! فقيل يا رسول اللَّه: ألا تجعله غسلا واحدا